إذ لو كان السؤال عن لاعب أو مغنّ لأجاب عنه الجميع دون تردد
وهذا من صنع الإعلام غالبا ، فالإعلام يصنع المفاهيم بل ويقلب المفاهيم رأسا على عقب !
كم صنع الإعلام – فيما مضى – من صدام بطلا مغواراً مقداماً بل سمّوه ( بطل القادسية ) ، فلما قلب لهم ظهر المِجنّ صنعوا منه مُجرما طاغية !
وهو هو !
ولكن :
عين الرضا عن كل عيب كليلة *** كما أن عين السخط تُبدي المساويا !!
أما الثقافة الأصيلة فما يصنعها الإعلام ولا يعرفها !
وبعض المسابقات ربما قام عليها وتولّى كبرها مذيع نصراني
وربما سأل بعض الأسئلة لحاجة في نفس (
جورج ) !
وفي بعضها إظهار الضعف والعجز
وقد تعمد بعض القنوات إلى إظهار الدين والمتدينين بمظهر الضعف والمسكنة
فربما جاءوا بإنسان ضعيف العلم والديانة وألبسوه لباس العلماء وأضفوا عليه مسوح الصالحين ، وجعلوه في سؤال وجواب ، أو في مناظرة ، وألقوا الشبهات لا عليه بل على جماهير المسلمين .
وهذا سلاح من أسلحة أعداء الأمة (
الشهوات والشبهات )
وأما فاطمة البتول فهي
سيدة نساء العالمين
وهي البضعة النبوية ، والجهة المصطفوية ، كما يقول الإمام الذهبي في سيرتها في السير .
بل قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها . رواه البخاري ومسلم .
فرضي الله عنها وأرضاها .
أما المرأة التي سرقت فهي امرأة مخزومية ، واسمها فاطمة ، ولعله من هنا وقع اللبس عند بعض الناس ، خاصة مع قول النبي

:
والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
وأصل الحديث بطوله في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله

؟
فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه أسامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتشفع في حد من حدود الله ؟! ثم قام فاختطب ، فقال : أيها الناس إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد . وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
قال العيني في عدة القارئ : المرأة المخزومية هي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بنت أخي أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد وكانت سرقت حلياً . اهـ .
وينبغي أن يُعلم أن لها شرف الصحبة مع ما بدر منها وما فعلته ، هذا مع أن الحدود كفارات لأصحابها .
فقد روى البخاري ومسلم عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال : أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ؟ فمن وفي منكم فأجره على الله ، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئا من ذلك فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه .
فلا يظن ظان أو تظن امرأة أنها أفضل من تلك المرأة المخزومية ، فيكفيها شرفا أن نالت شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم .
بل ما هو أعظم من ذلك ، تلك المرأة التي ارتكبت الفاحشة ( زَنَتْ ) ثم تابت ..
تلكم المرأة التي تابت توبة صادقة نصوحا
حتى قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم وقد صلّى عليها ، فقال له عمر : تصلي عليها يا نبي الله وقد زَنَتْ ؟ فقال : لقد تابت توبة لو قُسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ، وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله تعالى ؟ رواه مسلم .
وفي الحديث الآخر
أنها ترددت على النبي صلى الله عليه وسلم منذ أن حملت حتى وضعت وأرضعت وفَطَمتْ ثم جاءت بطوعها واختيارها ، تدفعها قوّة الإيمان الراسخ ، ويؤرّقها الذّنب .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بها فحُفر لها إلى صدرها ، وأمر الناس فرجموها ، فأقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد ، فسبّها ، فسمع نبي الله صلى الله عليه وسلم سبّـه إياها ، فقال : مهلا يا خالد ! فو الذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مَكس لغُفِر له ، ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت . رواه مسلم .
وصاحب المكس هو الذي يأخذ العشور والضرائب على الناس!
قال الإمام النووي : فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات ، وذلك لكثرة مطالبات الناس له ، وظلاماتهم عنده ، وتكرر ذلك منه ، وانتهاكه للناس ، وأخذ أموالهم بغير حقها ، وصرفها في غير وجهها . اهـ .
وقول النبي صلى الله عليه وسلم هذا يدلّ على عِظم توبتها .
وهو يدلّ على فضل التوبة ، وأن الحدود كفارات لأهلها .
قلت هذا حتى لا يُظن أن تلك النسوة ليس لهن فضل ، بل هن داخلات في عموم تزكية الله وثنائه ومدحه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان بعضهم أفضل من بعض .
والصحابة – عند أهل السنة – عُدول بتعديل الله لهم وبمدحه لهم ، فلا يُسأل عنهم ولا عن عدالتهم .
والله تعالى أعلى وأعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد