|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
لماذا أورد البخاري حديث فتور الوحي الذي تحدث عن حزن النبي إذا لم يكن صحيحا ؟
بتاريخ : 03-06-2014 الساعة : 12:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
السلام عليكم شيخنا ورحمة الله
أود السؤال عن حديث فتور الوحي الذي تحدث عن حزن النبي عليه الصلاة والسلام حتى كاد يتردى من رؤوس شواهق الجبال فقد سمعت الشيخ مازن السرساوي يقول أنه من بلاغات الزهري وبلاغات الزهري شبه الريح
والإشكال عندي أني وجدت الحديث عند البخاري في كتاب التعبير، أعني إن كان من البلاغات فما هو سبب استشهاد البخاري به وأنا لا أطعن لكنه أشكل عليّ، فهلا أزلتم الإشكال يرحمكم الله وجزاكم الله خيرا

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
الإمام البخاري رحمه الله ساق أصل الحديث مُسنَدا صحيحا لا غبار عليه ، وفيه الكلام عن بَدْء الوحي ، ومَجيء الْمَلَك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء ، ثم ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى ورقة بن نوفل ، ثم ذِكْر وفاة ورقَة بن نوفل رحمه الله .
ثم أتْبَع الإمام البخاري ذلك بَقَول الإمام الزهري : وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا بَلَغَنَا، حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُؤوسِ شَوَاهِقِ الجِبَالِ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ، فَيَرْجِعُ، فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ .
وقول الإمام الزهري هنا ليس على شَرْط الإمام البخاري ، فلا يصح أن يُقال عن هذا القَدر من الحديث : رواه البخاري ، إلاّ مُقيَّدا بأنه بلاغا .
وهكذا الْمُعلَّقَات في صحيح البخاري والتي لم يَصِلْها البخاري ، لا يصح أن يُقال عنها: رواه البخاري ، إلاّ مُقيَّدا بأنه تعليقا .
ولعل الإمام البخاري ذَكَر قول الزهري بعد رواية الحديث مُسندا مُتّصِلا ، ليُوضِّح أن هذا القَدْر إنما هو مِن قول الزهري ، وليس من الحديث ، وأنه مِن بلاغات الزهري .
والإمام البخاري يصنع مثل ذلك لبيان عِلل الأحاديث أحيانا .
وأحاديث الصحيحين قد تلقّتها الأمّة بالقبول ، وأجْمَع المسلمون على ذلك ، بل وغيرها من الأحاديث الصحيحة التي تلقّاها العلماء بالقبول .
قال الحافظ أبي نصر الوايلي السجزي : أجمع أهل العلم - الفقهاء وغيرهم - على أن رجلا لو حَلف بالطلاق : أن جميع ما في كتاب البخاري مما رُوي عن النبي صلى الله عليه و سلم قد صَحّ عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لا شك فيه ؛ أنه لا يَحْنَث والمرأة بِحالِها في حبالته .
وقال أبو عبد الله الْحُمَيدي في كتابه الجمع بين الصحيحين : لم نَجد مِن الأئمة الماضين - رضي الله عنهم - أجمعين مَن أفصح لنا في جميع ما جَمَعه بِالصِّحة إلاَّ هذين الإمامين . (يعني : البخاري ومُسلما)
وقال ابن عبد البر عن حديث أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات ألاّ يَمَسّ القرآن إلاّ طاهر : كتاب عمرو بن حَزم هذا قد تَلَقّاه العلماء بالقبول والعمل ، وهو عندهم أشهر وأظهر مِن الإسناد الواحد الْمُتَّصِل .
وقال في حديث آخر : إجماع العلماء على القَول به تَصحيح له . اهـ .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ عَلَى أَنَّ " خَبَرَ الْوَاحِدِ " إذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عَمَلا بِهِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعِلْمَ .
وقال في أقسام الْخَبَر :
وَمِنْهُ مَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ وَأَجْمَعُوا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ أَوْ اسْتَنَدُوا إلَيْهِ فِي الْعَمَلِ ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَاطِلا لَمْ يَعْمَلُوا بِهِ ، لامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْخَطَأ .
وقال في موضع آخر : وَقَوْلُهُ : " إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" هُوَ مِمَّا تَلَقَّاهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَلَيْسَ هُوَ فِي أَصْلِهِ مُتَوَاتِرًا ؛ بَلْ هُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ ، لَكِنْ لَمَّا تَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ صَارَ مَقْطُوعًا بِصِحَّتِهِ . وَفِي السُّنَنِ أَحَادِيثُ تَلَقَّوْهَا بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا وَصِيَّةَ لِوَارِثِ " ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالْقَبُولِ ، وَالْعَمَلِ بِمُوجِبِهِ ، وَهُوَ فِي السُّنَنِ لَيْسَ فِي الصَّحِيحِ . اهـ .
وسبق :
شبهات حول بعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3832
كيف أفرق بين المعلقات التي في الصحيحين أهي على صيغة التمريض أم الجزم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=14811
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|