|
|
المنتدى :
قسم القـرآن وعلـومه
هل معنى (الجمل في سَم الخياط) هو الحبل الغليظ الذي تُشدّ به السفينة ؟
بتاريخ : 09-03-2015 الساعة : 09:05 PM
أكرمك الله ورفع الله قَدرك ورزقك مِن حيث لا تحتسِب
يقول أحد الدكاترة في تفسير قول الله تعالى {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}
إنَّ الجَمَل في الآية المقصود به هو الحبل الغليظ الذي تُشدّ به السفينة وليس هو الجمَل الحيوان المعروف
وقال : إنَّ الحيوان المعروف اسمه في القرآن ( بعير ) وَجَمْعُها ( إبْل ) وإنَّ جمْع جمَل هو (جِمال ) وذكرها الله في سورة المرسلات {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ } أي حبال غليظة لونها أصفر .
فما صِحة هذا التعبير والتفسير عن الآيتين ؟
وفقك الله ويسّر لك ووسَّع الله عليك بِما توسِّع به على عباده

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
هذا غير صحيح ، وهو مُخالِف لاتِّفاق قُرّاء القرآن .
قال ابن جرير : وأجمعت القَرَأَة على قراءة : "الْجَمَلُ" بفتح"الجيم" و" الميم" وتخفيف ذلك .
ثم روى عن ابن مسعود قوله : الجمل ابن الناقة ، أو : زوج الناقة .
وروى عن الحسن قوله : حتى يدخل البعير في خُرت الإبرة .
وعن أبي العالية قال : الجمل الذي له أربع قوائم . اهـ .
وقال السمعاني : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، وهو الْجَمَل المعروف ، وسئل ابن مسعود عن هذا الجمل ؟ فقال : هو زوج الناقة ، كأنه استحمق السائل حين سأله عما لا يخفى .
وقال ابن عطيّة : وقرأ جمهور المسلمين: (الْجَمَل) ، واحِد الْجِمَال . اهـ .
والمراد منه استحالة دخول الكفار النار ، والتعبير بالْجَمَل ( البعير ) أشدّ استحالة مِن التعبير بالحبال الغليظة .
قال البغوي : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، أي : حتى يدخل البعير في ثقب الإبرة . والخياط والمخيط : الإبرة ، والمراد منه : أنهم لا يدخلون الجنة أبدًا ؛ لأن الشيء إذا عُلِّق بما يستحيل كونه ، يدل ذلك على تأكيد المنع .
وقال القرطبي : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، والجمل لا يَلِج ، فلا يدخلونها البتة . وهذا دليل قطعي لا يجوز العفو عنهم . وعلى هذا أجمع المسلمون - الذين لا يجوز عليهم الخطأ - أن الله سبحانه وتعالى لا يَغفر لهم ولا لأحد منهم .
وقال ابنُ جُزيّ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، أي : حتى يدخل الجمل في ثقب الإبرة ، والمعنى لا يدخلون الجنة حتى يكون ما لا يكون أبدا ، فلا يدخلونها أبدا .
فهذا أوضح تعبير ، وأصح تفسير .
وذَكَر ابن كثير التفسير المذكور ، إلاّ أنه قال قبل ذلك : وقوله تعالى : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ، هكذا قرأه الجمهور ، وَفَسَّرُوه بأنه البعير . اهـ .
وكذلك تفسيره لـ (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) فإنه مُختَلَف فيه .
روى البخاري من طريق عبد الرحمن بن عابس قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما : (كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) : حِبال السفن تُجْمع حتى تكون كأوساط الرجال .
وأكثر المفسِّرين على أن المقصود بها : الْجِمال .
قال ابن جرير الطبري : ((إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) قرأ ذلك قرّاء الأمصار : (كالْقَصْرِ) بجزم الصاد .
واختلف الذين قرءوا ذلك كذلك في معناه ؛ فقال بعضهم : هو واحد القصور .
وقال آخرون : بل هو الغليظ من الخشب ، كأصول النخل وما أشبه ذلك .
وروى بإسناده إلى ابن عباس أنه قرأها (كالقَصَرِ) بفتح القاف والصاد .
ثم قال ابن جرير : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وهو سكون الصاد ، وأولى التأويلات به أنه القَصْر مِن القُصُور ، وذلك لدلالة قوله : (كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) على صِحّته ، والعرب تُشَبّه الإبل بالقصور الْمَبْنِيَّة .
وقال البغوي : (صُفْرٌ) جمع الأصفر ، يعني لون النار ، وقيل : "الصُّفْر" معناه : السُّود ، لأنه جاء في الحديث إن شرر نار جهنم أسود كالقِير ، والعرب تُسَمِّي سُود الإبل صفرا ؛ لأنه يَشوب سوادها شيء مِن صُفرة .
وقال القرطبي بعد أن ذَكَر الأقوال :
وَالْمَعْرُوفُ فِي الْحَبْلِ الْغَلِيظِ جُمَّلٌ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ ... " وجمالات" بِضَمِّ الْجِيمِ : جَمْعُ جِمَالَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ مُوَحَّدًا ، كَأَنَّهُ جَمْعُ جَمَلٍ ، نَحْوَ حَجَرٍ وَحِجَارَةٍ ، وَذَكَرٍ وَذِكَارَةٍ . اهـ .
وقال السيوطي في " الدرّ المنثور " وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن في قوله : (كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ) قال : الصُّفر السَّود ، وفي قوله : (جِمَالَةٌ صُفْرٌ) قال : هو الجسر ، وفي لفظ قال : الجبال .
ولا يجوز تفسير القرآن إلاّ لِعالِم بالتفسير .
قال الإمام مالك : لا أُوتَي بِرَجُلٍ غير عالم بِلُغَاتِ العَرَب يُفَسِّر كِتاب الله إلاَّ جَعَلْتُه نَكَالاً .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : تفسير القرآن بِمُجَرَّد الرأي حرام .
وسيق :
هل ضرب الزوجة في القرآن الكريم يعني الْمُباعدة والْمُفارقة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15340
مَن هو المخوّل والذي يحقّ له تفسير القرآن الكريم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=15339
كيف نردّ على مَن يقول أنه يحقّ لكلِّ أحد أن يفهَم النُّصوص دون التقيّد بفَهم السَّلف ؟
http://saaid.net/Doat/assuhaim/fatwa/255.htm
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|