|
|
المنتدى :
قسم القـرآن وعلـومه
هل يصح تفسير (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت)بأن أنثى العنكبوت تقتل الذكر والأولاد يقتلونها
بتاريخ : 13-06-2016 الساعة : 05:04 AM
المعلومة كما وصلتني :
فائدة من سورة العنكبوت :
تقوم أُنثى العنكبوت بقتل الذكر بعد أن تنجب الأولاد وتلقيه خارج البيت، وبعد أن يكبر الأولاد يقومون بقتل اﻷم وإلقائها خارج المنزل .
بيت عجيب من أسوأ البيوت على اﻹطلاق ولقد وصفها القرآن بآية واحدة (وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) سبحان الله ! لقد كان الناس يعلمون مدى الوهن في البيت الحسي للعنكبوت لكنهم لم يدركوا الوهن المعنوي إلا في هذا العصر، وبالتالي جاءت الآية : لو كانوا يعلمون !!

الجواب :
هذا مع ضعفه في التفسير ، وأنه لا يجري على قواعد التفسير ، فإنه لا يُعرف له قائل ، ولا يُعرف مصدر هذه المعلومة !
فلا يجوز أن يُتسارع إلى تفسير القرآن بشيء لا يُعرف مصدره ، بل قد يكون من مُخترعات بعض زنادقة العصر مِن أجل تشكيك الناس بدينهم ، والطعن في القرآن ، وإظهار سذاجة بعض المسلمين ، والضحك عليهم !
ولا يُمكن أن يُضرب المثل ببيت العنكبوت لأناس يتّخذون مِن دون الله أولياء ، وهم لا يعرفون المراد بالمثل !
والخطاب في هذه الآية ابتداء كان لمن يتّخذون أولياء مِن دون الله .. وليس لأناس سيكتشفون ذلك بعد 1400 سنة من نزول القرآن !
قال الرازي في تفسير قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) :
لَمَّا بَيَّن الله تعالى أنه أهلك مَن أشرك عاجلا ، وعذّب مَن كَذّب آجلا، ولم ينفعه في الدارين معبوده ، ولم يدفع ذلك عنه ركوعه وسجوده ، مثَّل اتخاذه ذلك معبودا باتخاذ العنكبوت بيتا لا يُجير آويا ، ولا يريح ثاويا ، وفي الآية لطائف نذكرها في مسائل :
المسألة الأولى : ما الحكمة في اختيار هذا المثل من بين سائر الأمثال ؟
فنقول فيه وجوه :
الأول: أن البيت ينبغي أن يكون له أمور : حائط ، وسقف مُظِل ، وباب يُغلق ، وأمور ينتفع بها ويُرتفق ، وإن لم يكن كذلك فلا بُدّ مِن أحد أمرين : إما حائط حائل يمنع من البرد ، وإما سقف مُظل يَدفع عنه الحر ؛ فإن لم يحصل منهما شيء فهو كالبيداء ليس ببيت ، لكن بيت العنكبوت لا يُجِنهّا ولا يُكِنّها ، وكذلك المعبود ينبغي أن يكون منه الْخَلْق والرِّزق وجَرّ المنافع وبِه دَفع المضار ، فإن لم تجتمع هذه الأمور فلا أقل مِن دفع ضر أو جَرّ نفع ، فإن مَن لا يكون كذلك فهو والمعدوم بالنسبة إليه سواء ، فإذن كما لم يحصل للعنكبوت باتخاذ ذلك البيت مِن معاني البيت شيء ، كذلك الكافر لم يحصل له باتخاذ الأوثان أولياء مِن معاني الأولياء شيء .
الثاني : هو أن أقل درجات البيت أن يكون للظل ، فإن البيت مِن الْحَجَر يُفيد الاستظلال ، ويدفع أيضا الهواء والماء والنار والتراب ، والبيت مِن الخشب يُفيد الاستظلال ، ويَدفع الحر والبرد ، ولا يدفع الهواء القوي ، ولا الماء ولا النار ، والخباء الذي هو بيت مِن الشعر أو الخيمة التي هي مِن ثوب إن كان لا يدفع شيئا يظل ويَدفع حرّ الشمس ، لكن بيت العنكبوت لا يُظل ، فإن الشمس بشعاعها تنفذ فيه ، فكذلك المعبود أعلى درجاته أن يكون نافذ الأمر في الغير ، فإن لم يكن كذلك فيكون نافذ الأمر في العابد ، فإن لم يكن فلا أقل مِن أن لا ينفذ أمر العابد فيه ، لكن معبودهم تحت تسخيرهم إن أرادوا أجّلوه ، وإن أحبوا أذلوه !
الثالث : أدنى مراتب البيت : أنه إن لم يكن سبب ثبات وارتفاق ، لا يصير سبب شتات وافتراق ، لكن بيت العنكبوت يَصير سبب انزعاج العنكبوت ، فإن العنكبوت لو دام في زاوية مدة لا يقصد ولا يخرج منها ، فإذا نسج على نفسه واتخذ بيتا يتبعه صاحب الملك بتنظيف البيت منه والمسح بالمسوح الخشنة المؤذية لجسم العنكبوت ، فكذلك العابد بسبب العبادة ينبغي أن يستحق الثواب ، فإن لم يستحقه فلا أقل من أن لا يستحق بسببها العذاب ، والكافر يستحق بسبب العبادة العذاب .
المسألة الثانية : مثّل الله اتخاذهم الأوثان أولياء باتخاذ العنكبوت نَسجه بيتا ولم يمثله بِنسجه ، وذلك لوجهين :
أحدهما : أن نسجه فيه فائدة له ، لولاه لَمَا حصل ، وهو اصطيادها الذباب به من غير أن يفوته ما هو أعظم منه ، واتخاذهم الأوثان وإن كان يُفيدهم ما هو أقل مِن الذباب مِن متاع الدنيا ، لكن يفوتهم ما هو أعظم منها ، وهو الدار الآخرة التي هي خير وأبقى ، فليس اتخاذهم كنسج العنكبوت .
الوجه الثاني : هو أن نَسجه مُفيد ، لكن اتخاذها ذلك بيتا أمْر باطل ، فكذلك هم لو اتخذوا الأوثان دلائل على وجود الله وصفات كماله وبراهين على نعوت إكرامه وأوصاف جلاله لكان حكمة ، لكنهم اتخذوها أولياء كجعل العنكبوت النسج بيتا وكلاهما باطل .
المسألة الثالثة : كما أن هذا المثل صحيح في الأول فهو صحيح في الآخر ، فإن بيت العنكبوت إذا هَبّت ريح لا يُرى منه عين ولا أثر بل يصير هباء منثورا ، فكذلك أعمالهم للأوثان كما قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍ فجعلناه هباء منثورا) .
المسألة الرابعة : قال : (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء) ، ولم يَقُل " آلهة " إشارة إلى إبطال الشرك الخفي أيضا ، فإن مَن عَبَدَ الله رياء لغيره فقد اتخذ وَلِيا غيره ، فمثله مثل العنكبوت يتخذ نسجه بيتا .
ثم إنه تعالى قال : (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون)
إشارة إلى ما بَيّـنّا أن كل بيت ففيه إما فائدة الاستظلال أو غير ذلك ، وبيته يضعف عن إفادة ذلك ؛ لأنه يَخرب بأدنى شيء ، ولا يبقى منه عين ولا أثر ؛ فكذلك عملهم لو كانوا يعلمون .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|