|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
ما صِحة الأثر الذي ورَد فيه ضَرْب رسول الله لصدور النساء اللاتي بهن مس شيطان ؟
بتاريخ : 16-10-2016 الساعة : 03:40 PM
(ذكر حجاج وغيره عن ابن جريج ، عن الحسن بن مسلم أنه أخبره أنه سمع طاوساً يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤتى بالمجانين فيضرب صدر أحدهم فيبرأ ، فأتي بمجنونة يقال لها : أم زفر ، فضرب صدرها فلم تبرأ ، ولم يخرج شيطانها ، فقال رسول الله : هو يعيبها في الدنيا ولها في الآخرة خير . اهـ
وفي رواية آخرى عنه قال : لم يؤتَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأحد به مس ، فصك صدره إلا ذهب ما به ) .
هذا الأثر استدل به بعض الرقاة على جواز ضرب المصروع بصرع أرواح !
والسؤال :
1 ) ماصحته سنداً ؟ مع التفصيل
2 ) ماتوجيهه متناً ـ إن صح ّ ـ وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب صدور النساء ؟

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
أما ضَرْب الرسول صلى الله عليه وسلم لِصَدْر المصروع ، فقد صحّ فيه أكثر من حديث ، في أكثر من واقعة ، والذي صحّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَرَب صَدْر عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، وضَرب صَدْر الصبي .
وسبق :
صور الجن هل تعتبر حقيقة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=1059
وأما ضَرْب صُدور النساء ، فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أنه عليه الصلاة والسلام لم يثبت عنه أنه صافَح امرأة قطّ .
وكيف يُقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم ضَرَب صَدر امرأة ؟ وهو عليه الصلاة والسلام القائل : لأن يُطْعَن في رأس أحدكم بِمِخيط مِن حديد خيرٌ له مِن أن يَمَسّ امْرأة لا تَحِلّ له . رواه الطبراني ، وصححه الألباني .
وأما أثر طاووس فإنه لا يصح سَنَدًا ولا مَتْنًا ؛ أما سَنَدًا فلأنه مُرْسَل ، والْمُرْسَل مِن أقسام الحديث الضعيف ، والاحتكام في هذا إلى أصحاب الاختصاص .
قال الإمام مسلم بن الحجاج في " مقدّمة الصحيح " : والْمُرْسَل من الرِّوَايات في أصْل قَولِنا وقَول أهْل العِلْم بالأخْبَار ليس بَحُجّة . اهـ .
ونَسَب الإمام النووي هذا القول إلى جماهير الْمُحَدِّثين ، وإلى كثير مِن الفقهاء والأصوليين .
وأما مَتْنًا فَلِسَبَبين :
الأول : كون المتن مُخالِف لِنهيه صلى الله عليه وسلم عن مسّ المرأة الأجنبية ، كيف إذا كان ذلك المس أو الضرب على منطقة الصدر ؟!
الثاني : لِمخالفته لِما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة المرأة التي تُصْرَع ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لها ، وأنها اختارت الصبر .
ففي الصحيحين من طريق عطاء بن أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي ، قَالَ : إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي أَتَكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لا أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا .
قال البخاري : حَدَّثَنَا مُحَمَّد ، أَخْبَرَنَا مَخْلَدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ .
فهذا تصريح بأن تلك المرأة هي أم زُفَر ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَضْرِب صدرها ، بل جَرَت بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم تلك المحاورة ، وسؤالها النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لها ، وصبرها على ما هي عليه إذا كان الثمن الجنة .
ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم ضَرَب صدرها ، كل كان يبقى بها الصرع ؟!
ومِن عَجَبٍ أن يُعارَض بما في الصحيحين بِحديث مُرْسَل !
ومِن قواعد وأصول الاستدلال أن لا يستدلّ المخالِف على مَن خالَفَه بِما لا يُسلِّم له به !
والحديث الْمُرسَل لا يصح الاحتجاج به في فضائل الأعمال فَضْلاً عن أن يُستَدَل به في الأحكام ، ومسألة ضَرْب صَدْر المصروع ، ومسّ امرأة أجنبية ، مِن مسائل الأحكام ، وليست من مسائل الفضائل ، ولا من مسائل الترغيب والترهيب .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|