[عبد الرحمن السحيم]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفع الله بكم فضيلة الشيخ وجزاكم الله خيرا
هل يشترط موافقة الولي لزواج الثيّب ؟
بارك الله فيكم

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

أولا : ولاية الولي في النكاح ليست تَعسّفيّة ، بل هي لأمْرَين :
1 – مراعاة الأصلح للمرأة ؛ لأن الرَّجل أعرف بالرِّجال مِن النساء .
2 – أن لا تتولّى المرأة تزويج نفسها ؛ لاعتبارين :
أ – غَلبة العاطفة على المرأة لِطبيعتها ورِقّتها .
ب – لغلبة الحياء على المرأة ، وكون الحياء أصل في المرأة ، ولا عِبرة بَمَن شَذَّت عن هذه الأصول .

ولذلك إذا تعسّف الولي وعَضَل مَوليّته مِن نكاح الأكفاء ، انتقلت عنه الولاية .
وعَضْل المرأة ومَنْعها مِن نكاح الكفء حَرَام ؛ لقوله تعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في قوله تعالى : (إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) :
وقوله هنا : (ِالْمَعْرُوفِ) يَدلّ على أن المرأة لو رَضيت بغير المعروف ، لكان للأولياء العَضْل . والمعروف تزويج الكفء . اهـ .

ويُطلِق العلماء وَصْف الفِسْق على مَن تكرر منه العَضْل والمنع ، إذا كان منعه تعنّتًا وتَعسُّفا .

قال ابن قدامة : إذا عَضَلها وَلِيّها الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد . نص عليه أحمد وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان . وهو اختيار أبي بكر ، وذَكَر ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه وشُريح ، وبه قال الشافعي ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن اشْتَجَرُوا فالسُّلْطَان وَلِيّ مَن لا وَلِيّ له " . ولأن ذلك حق عليه امتنع مِن أدائه ، فقام الحاكِم مَقَامه ، كما لو كان عليه دَين فامتنع مِن قضائه .
ولنا ، أنه تعذّر التزويج مِن جهة الأقرب ، فَمَلّكه الأبْعَد ، كما لو جُنّ . ولأنه يَفسُق بالعَضْل ، فتنتقِل الولاية عنه ، كما لو شَرِب الخمر .
فإن عَضَل الأولياء كلهم زَوّج الحاكم . والحديث حجة لنا ؛ لقوله : " السلطان وَلِيّ مَن لا وَلِيّ له " .
وهذه لها وَلي .
ويُمْكن حَمْله على ما إذا عَضَل الكُلّ ، لأن قوله : " فإن اشْتَجَرُوا " . ضمير جمع يتناول الكُلّ .
وقال أيضا :
ومعنى العَضْل : مَنْع المرأة مِن التزويج بِكُفئها إذا طَلَبت ذلك ، ورَغِب كل واحد منهما في صاحبه . اهـ .

فموافقة الوليّ على تزويج موليته – بكرا كانت أو ثيّبا – إنما هو مِن باب الولاية ، والنظر إلى الأصلح ، وليس النَّظَر إلى ما يُريده هو ويَرغبه مِن الأقارب ، أو الأغنياء .

فإن امْتَنَع الوَليّ مِن تزويج الكفء ، فللمرأة أن ترفع أمرها إلى القاضي ، ولا يُعدّ هذا عقوقا ، ولا خروجا عن الأدب ، فقد فَعَلت هذا الصحابيات رضي الله عنهن .

وسبق الجواب عن :
عندما تكبر الفتاة في السن وترفض أن تتزوج ، هل يَحقّ لِوالدها أن يُزوّجها دون رضاها ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14388

هل للمرأة كامل الحرية في التصرف بمالها دون إذن زوجها ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=604

أهلي يريدون أن يغصبوني على الزواج ، فماذا أفعل ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=11235

والله تعالى أعلم .