|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
لماذا يُقرَن بين ( الإيمان بالله واليوم الآخِر ) في بعض الأحاديث النبوية ؟
بتاريخ : 21-01-2015 الساعة : 03:28 PM
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم - وفقكم الله -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بعض الأحاديث يقول عليه الصلاة والسلام [ مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخِر .... ] ثمّ يذكر بعض الواجبات أو المنهيّات .
فلماذا هذا الاقتران بين الإيمان بالله واليوم الآخِر ؟
ووفقكم الله فضيلة الشيخ وأعلى الله مقامكم وأعانكم ووسّع الله عليكم بتوسيعكم على عباده المسلمين .

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
لأن مَن آمَن بالله واليوم الآخر رجا الثواب وخاف مِن العِقاب ، كما جاء في التنزيل : (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآَتٍ) .
قال القرطبي في " المفهِم " : وقوله : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ، فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ... " الحديثَ ، يعني : مَنْ كان يؤمنُ بالله الإيمانَ الكامل ، المُنْجِيَ مِنْ عذاب الله ، المُوصِلَ إلى رضوان الله ؛ لأنَّ مَنْ آمَنَ بالله تعالى حَقَّ إيمانه ، خاف وعيدَه رجاءَ ثوابَه ، ومَنْ آمنَ باليومِ الآخر ، استعدَّ له ، واجتهَدَ في فعل ما يدفَعُ به أهوالَهُ ومكارهه ، فيأتمرُ بما أُمِرَ به ، وينتهي عما نُهِيَ عنه ، ويتقرَّبُ إلى الله تعالى بِفِعْلِ ما يقرِّبُ إليه . اهـ .
ولأن تلك الخصال مِن خصال الإيمان .
قال ابن رجب : فقوله - صلى الله عليه وسلم - : " مَنْ كان يؤمِنُ باللهِ واليوم الآخر " فليفعل كذا وكذا ، يدلُّ على أنَّ هذه الخصال مِنْ خصال الإيمان ، وقد سبق أنَّ الأعمال تدخلُ في الإيمان ... وأعمال الإيمان تارة تتعلَّق بحقوق الله ، كأداءِ الواجبات وترك المحرَّمات ، ومِنْ ذلك قولُ الخير ، والصمتُ عن غيره .
وتارةً تتعلق بحقوق عبادِه ، كإكرامِ الضيف ، وإكرامِ الجارِ ، والكفِّ عن أذاه ، فهذه ثلاثة أشياء يؤمر بها المؤمن . اهـ .
ولأن مَن لا يرجو لقاء الله لا يفعل ما أُمِر به ، ولا ينتهي عما نُهي عنه ، فليس له رادِع ولا زاجِر ، كما قال الله عزّ وَجَلّ : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) .
وكما قال عزّ وَجَلّ : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) .
ولأن مَن لا يرجو لقاء الله يُكذِّب رُسُل الله ، كما قال الله تبارك وتعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا) .
ولأن مَن لا يرجو لقاء الله يطمئن إلى الدنيا ويَرْكَن إليها ، ويغفل عما أُعِدّ له ، وعمّا ينتظره مِن جزاء وحساب ، فيظلِم الناس ، ويرتكب الفواحش والمنكرات ، كما قال الله جلّ جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) .
وأما مَن كان يؤمِن بالله واليوم الآخِر فإنه يُراقِب الله عَزّ وَجَلّ في سِرّه وفي علانيته ، وفي التنزيل : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ) .
ويأتَمِر بأمْر الله تبارك وتعالى ، وفي الطاعة والاحتكام : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) .
وفي الحدود : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) .
إلى غير ذلك مِن الآيات والأحاديث التي عُلِّق فيها العمل على الإيمان بالله واليوم الآخِر .
وليس معنى الأحاديث : مَن لا يؤمن بالله واليوم الآخر يفعل ما يشاء .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|