|
|
المنتدى :
قسم الأسرة المسلمة
هل الزوجة مجبورة أن تطبخ لزوجها ..؟
بتاريخ : 15-02-2010 الساعة : 07:54 PM
هل الزوجة مجبورة أن تطبخ لزوجها .. وان تقوم بأعمال المنزل .. وإذا لم تفعل ما الحكم ..؟

الجواب :
الصحيح أن خدمة الزوجة لزوجها واجبة .
قال أبو ثور – من الحنفية - : على الزوجة أن تخدم الزوج في كل شيء .
وقال ابن حيب – من المالكية - : إن النبي حكم على فاطمة عليها السلام بخدمة البيت كلها .
وقال ابن قدامة في " الشرح الكبير " : وليس على المرأة خدمة زوجها في العجن والخبز والطبخ وأشباهه ، نص عليه أحمد . وقال أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني : عليها ذلك ، واحتجا بقصة عليّ وفاطمة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلى عليّ ما كان خارجا من البيت مِن عَمل ، رواه الجوزجاني من طُرُق .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وتجب خِدمة زوجها بالمعروف مِن مثلها لِمِثْلِه ، ويتنوّع ذلك بتنوع الأحوال ؛ فَخِدْمة البدوية ليست كخدمة القروية ، وخدمة القويه ليست كخدمة الضعيفة . قاله الجوزجاني من أصحابنا وأبو بكر بن أبي شيبة .
وقد عقد ابن القيم فَصْلاً في حُكم النبي صلى الله عليه وسلم في خدمة المرأة لزوجها ، قال فيه :
قال ابن حبيب في الواضحة : حَكم النبي صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ، فَحَكم على فاطمة بالخدمة الباطنة ، خدمة البيت ، وحَكم على عليّ بالخدمة الظاهرة ، ثم قال ابن حبيب : والخدمة الباطنة العجين والفرش وكنس البيت واستقاء الماء وعمل البيت كله . وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " : أَنّ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَتَتْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَشْكُو إلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدَيْهَا مِنْ الرّحَى وَتَسْأَلُهُ خَادِمًا ، فَلَمْ تَجِدْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، فَلَمّا جَاءَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَخْبَرَتْهُ . قَالَ عَلِيّ : فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ : مَكَانَكُمَا ، فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتّى وَجَدْت بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي ، فَقَالَ : أَلا أَدُلّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمّا سَأَلْتُمَا ؟ إذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبّحَا اللّهَ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَكَبّرَا أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِم . قَالَ عَلِيّ : فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ . قِيلَ : وَلا لَيْلَةَ صِفّينَ ؟ قَالَ : وَلا لَيْلَةَ صِفّينَ .
وصح عن أسماء أنها قَالَتْ : كُنْت أَخْدِمُ الزّبَيْرَ خِدْمَةَ الْبَيْتِ كُلّهِ ، وَكَانَ لَهُ فَرَسٌ وَكُنْتُ أَسُوسُهُ ، وَكُنْت أَحْتَشّ لَهُ وَأَقُومُ عَلَيْهِ . وَصَحّ عَنْهَا أَنّهَا كَانَتْ تَعْلِفُ فَرَسَهُ ، وَتَسْقِي الْمَاءَ ، وَتَخْرِزُ الدّلْوَ ، وَتَعْجِنُ ، وَتَنْقُلُ النّوَى عَلَى رَأْسِهَا مِنْ أَرْض لَهُ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخ .
فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ فَأَوْجَبَ طَائِفَةٌ مِنْ السّلَفِ وَالْخَلَفِ خِدْمَتَهَا لَهُ فِي مَصَالِحِ الْبَيْتِ ... وَاحْتَجّ مَنْ أَوْجَبَ الْخِدْمَةَ بِأَنّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ مَنْ خَاطَبَهُمْ اللّهُ سُبْحَانَهُ بِكَلامِهِ .
وأما ترفيهُ المرأةِ ، وخدمةُ الزوج ، وكنسُه ، وطحنُه ، وعجنُه ، وغسيلُه ، وفرشُه ، وقيامُه بخدمة البيت ، فَمِنَ المنكر ، والله تعالى يقول : ( وَلَهُنّ مِثْلُ الّذِي عَلَيْهِنّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، وَقَالَ : (الرّجَالُ قَوّامُونَ عَلَى النّسَاءِ) ، وَإِذَا لَمْ تَخْدِمْهُ الْمَرْأَةُ بَلْ يَكُونُ هُوَ الْخَادِمَ لَهَا فَهِيَ الْقَوّامَةُ عَلَيْهِ .
وَأَيْضًا : فَإِنّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ ، وَكُلّ مِنْ الزّوْجَيْنِ يَقْضِي وَطَرَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ، فَإِنّمَا أَوْجَبَ اللّهُ سُبْحَانَهُ نَفَقَتَهَا وَكُسْوَتَهَا وَمَسْكَنَهَا فِي مُقَابَلَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا وَخِدْمَتِهَا ، وَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الأَزْوَاجِ .
وَأَيْضًا فَإِنّ الْعُقُودَ الْمُطْلَقَةَ إنّمَا تُنَزَّلُ عَلَى الْعُرْفِ ، وَالْعُرْفُ خِدْمَةُ الْمَرْأَةِ وَقِيَامُهَا بِمَصَالِحِ الْبَيْتِ الدّاخِلَةِ .
وَقَوْلُهُمْ : إنّ خِدْمَةَ فَاطِمَةَ وَأَسْمَاءَ كَانَتْ تَبَرّعًا وَإِحْسَانًا ، يَرُدّهُ أَنّ فَاطِمَةَ كَانَتْ تَشْتَكِي مَا تَلْقَى مِنْ الْخِدْمَةِ فَلَمْ يَقُلْ لِعَلِيّ : لا خِدْمَةَ عَلَيْهَا وَإِنّمَا هِيَ عَلَيْك ، وَهُوَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لا يُحَابِي فِي الْحُكْمِ أَحَدًا ، وَلَمّا رَأَى أَسْمَاءَ وَالْعَلَفَ عَلَى رَأْسِهَا وَالزّبَيْرُ مَعَهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ لا خِدْمَةَ عَلَيْهَا ، وَأَنّ هَذَا ظُلْمٌ لَهَا ، بَلْ أَقَرّهُ عَلَى اسْتِخْدَامِهَا ، وَأَقَرّ سَائِرَ أَصْحَابِهِ عَلَى اسْتِخْدَامِ أَزْوَاجِهِمْ ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنّ مِنْهُنّ الْكَارِهَةَ وَالرّاضِيَةَ ؛ هَذَا أَمْرٌ لا رَيْبَ فِيهِ .
وَلا يَصِحّ التّفْرِيقُ بَيْنَ شَرِيفَة وَدَنِيئَة ، وَفَقِيرَة وَغَنِيّة ؛ فَهَذِهِ أَشْرَفُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ كَانَتْ تَخْدِمُ زَوْجَهَا ، وَجَاءَتْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَشْكُو إلَيْهِ الْخِدْمَةَ فَلَمْ يُشْكِهَا ، وَقَدْ سَمّى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْحَدِيثِ الصّحِيحِ الْمَرْأَةَ عَانِيَةً ، فَقَالَ : " اتّقُوا اللّهَ فِي النّسَاءِ فَإِنّهُنّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ " . وَالْعَانِي : الأَسِيرُ ، وَمَرْتَبَةُ الأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ ، وَلا رَيْبَ أَنّ النّكَاحِ نَوْعٌ مِنْ الرّقّ ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السّلَفِ : النّكَاحُ رِقّ ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقّ كَرِيمَتَهُ .
وَلا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ الرّاجِحُ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ ، وَالأَقْوَى مِنْ الدّلِيلَيْنِ . انتهى كلامه رحمه الله .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|