|
|
المنتدى :
إرشــاد الـصــلاة
قبض اليدين بعد الرفع من الركوع .. هل هو بدعة ؟
بتاريخ : 20-02-2010 الساعة : 05:20 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أما بعد
إخواني أرجوكم المساعدة في هذا الموضوع
ناقشني أحد الصوفية في موضوع قبض اليدين بعد الرفع من الركوع
و قال لي إنها بدعة ابتدعها الشيخ ابن باز رحمه الله , وقال لي حتى أن الشيخ الألباني رحمه الله بدع الشيخ ابن باز في هذا الأمر .
و قلت له أن الشيخ ابن باز هو من أهل السنة و هو أكثر الناس حرصا على اتباع سنة النبي صلي الله عليه وسلم , بل و نشر السنة بين الناس
و لكنه أصر أن الشيخ ابن باز رحمه الله هو الذي ابتدعها . و دعها الناس إليها
فقلت له انتظر حتى آتيك بالدليل إن شاء لله من السنة..
و حقيقة بحثت كثيرا و لم أستطع أن أجد الدليل حتى الآن
فأفتوني رجاء يا أهل العلم
جزاكم الله كل خير

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
قال الإمام أحمد رحمه الله : إياك أن تتكلّم في مسالة ليس لك فيها إمام .
ولا أعلم في كلام العلماء من الْمُتَقَدِّمِين القول بأن قبض اليدين بعد الرفع من الركوع بِدْعَة .
وكُلّ يُؤخذ من كلامه ويُرَدّ ، إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وجاء عن تلميذه مُجاهِد ومالِك رحمهم الله .
وأما هذه المسألة فالحجة فيها عند التنازع الكِتاب والسنة ، وكلام أهل العِلْم .
فقد جاءت أحاديث فيها القَبْض ، وفيها وضع اليمين على الشمال في الصلاة بعد الرفع من الركوع .
هكذا جاءت النصوص ، ومَن فَرَّق بين ما قبل الركوع وما بعد الركوع فعليه الدليل ؛ لأنه فَرَّق بين مُتَماثِلَين .
والأحاديث في هذا كثيرة ، وهي مُطْلَقَة وليس فيها تقييد أن يكون القَبْض قبل الركوع ، ففي صحيح البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْد رضي الله عنه قَال : كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ . قَالَ أَبُو حَازِم : لا أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وفي صحيح مسلم من حديث وائل بن حُجر رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل في الصلاة كبر ، ثم الْتَحَف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى .
وروى الترمذي عن قبيصة بن هُلْب عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَؤمّنا فيأخذ شماله بيمينه .
ثم قال الترمذي : وفي الباب عن وائل بن حجر وغطيف بن الحارث وابن عباس وابن مسعود وسهل بن سعد .
ثم قال : حديث هلب حديث حسن ، والعمل على هذا عند أهل العلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم ؛ يَرَون أن يَضَع الرجل يمينه على شماله في الصلاة . اهـ .
وقال ابن عبد البر رحمه الله : وأما وضع اليمنى على اليسرى ، ففيه آثار ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها :
حديث وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَضع اليمنى على اليسرى في الصلاة .
ورواية علقمة بن وائل عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائما في الصلاة قَبض على شماله بيمينه .
وحديث ابن مسعود قال : رآني النبي صلى الله عليه وسلم قد وَضَعْت شمالي على يميني ، فأخذ يميني فوضعها على شمالي .
وحديث سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضِعًا يمينه على شماله في الصلاة .
وعن علي رضي الله عنه قال : مِن الـسُّـنَّة وَضْع اليمين على الشمال في الصلاة .
ثم قال :
وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم والحسن بن صالح وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو ثور وأبو عبيد وداود بن علي والطبري : يَضَع الْمُصَلِّي يَده على شماله في الفريضة والنافلة . وهو عند جميعهم حسن وليس بواجب . اهـ .
وفي مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح ، قال : قلت : كيف يَضع الرَّجُل يده بعد ما يَرفع رأسه مِن الركوع ، أيضع اليمنى على الشمال أم يَسْدلها ؟ قال : أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله .
وقال ابن قدامة في المغني : أَمَّا وَضْعُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى فِي الصَّلاةِ ، فَمِنْ سُنَّتِهَا فِي قَوْلِ كَثِير مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ . اهـ .
وذَكَر الشوكاني مَشْرُوعِيَّة وَضْعِ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ . قال : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ .
وقال : احْتَجَّ الْجُمْهُورُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْوَضْعِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ وَذَكَرْنَاهَا ، وَهِيَ عِشْرُونَ عَنْ ثَمَانِيَةِ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَتَابِعِيَّيْنِ . اهـ .
فأنت ترى هذه الآثار والأقوال ليس فيها تفريق بين ما كان قبل الركوع وما كان بعده .
بل نَصّ العلماء على أن وضع اليمنى على اليسرى في كلّ قِيام فيه ذِكْر مَسْنون .
قال العيني :
وقت وضع اليدين : الأصل فيه أن كل قِيام فيه ذِكْر مَسْنون يَعتمد فيه - أعني اعتماد يده اليمنى على اليسرى - وما لا فلا ، فَيَعْتَمِد في حالة القنوت وصلاة الجنازة ، ولا يَعتمد في القومة عن الركوع ، وبين تكبيرات العيدين الزوائد ، وهذا هو الصحيح ، وعند أبي علي النسفي والإمام أبي عبد الله وغيرهما : يعتمد في كل قيام ، سَواء كان فيه ذِكْر مَسْنون أوْ لا . اهـ .
فأنت ترى هذا القول فيه التصريح بالقبض قبل الركوع وبعده ، وأن هناك من قال به من العلماء الْمُتَقَدِّمِين ، ولم ينفرد به الشيخ ابن باز رحمه الله .
ثم إن هذا الفعل أقرب إلى الخشوع .
قال ابن حجر : قال العلماء : الحكمة في هذه الهيئة أنه صِفة السائل الذليل ، وهو أمْنَع مِن العبث ، وأقرب إلى الخشوع . اهـ .
ولا ينبغي أن تكون مثل هذه المسائل مَحَلّ اختلاف وتنازع . فضلا عن أن تكون مَحَلّ خِلاف وعداوة !
ونقول كما قال إمام أهل السنة : أرجو أن لا يضيق ذلك إن شاء الله .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|