|
|
المنتدى :
قسـم المحرمـات والمنهيات
هل يجوز قبول هدية فتاة يدخل في مالها شيء من الحرام ؟
بتاريخ : 21-01-2015 الساعة : 03:09 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أثقل الله لكم رصيد الأجر والثواب شيخنا الفاضل ..
وجزاكم عنا وعن المسلمين خير الجزاء ..
هل يجوز قبول هدية فتاة يدخل في مالها شيء من الحرام (بعض المال فقط)
وماحكم الهدايا التي سبق وأخذت منها وكيف يكون التصرف معها ..
وبارك الله في علمكم وعملكم وأجرى لكم ثواب ما تقدمون إلى يوم الدين ..

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
قد ردّ النبي صلى الله عليه وسلم هدية الصَّعْب بن جثّامة رضي الله عنه حينما أهدى له شيئا مِن الصيد ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان مُحْرِمًا .
قال ابن بطّال في شرح الحديث : دل هذا أن الْمُهْدِي إذا كان معروفًا بكسب الحرام ، أو بالغصب والظلم ، فإنه لا يجوز قبول هديته . اهـ .
وقال ابن حجر في الكسب الحرام : والتحقيق في المسألة أن مَن عُلم كون مالِه حَلالا فلا تُرَدّ عطيته ، ومَن عُلِم كَون مَالِه حَراما فتحرم عطيته ، ومَن شُكّ فيه فالاحتياط رَدّه ، وهو الوَرَع . اهـ .
ووجه الاستدلال بِفعله عليه الصلاة والسلام مع أن كسب الصعب بن جثامة ليس حراما : أنه إذا رُدّ المحرَّم مؤقتا - وهو الصيد على الْمُحرِم - ، فلأن يُردّ المال المحرَّم مِن أصله في كسبه وتحصيله أوْلَى .
ومن الأدلة على تحريم قبول هدية مَن ماله حرام : أنه لا يجوز الأكل مِن المال الحرام بالاتفاق .
قال عليه الصلاة والسلام : أَيّهَا النّاسُ إِنّ اللّهَ طَيّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاّ طَيّبا . رواه مسلم .
وأوصى جُندب بن عبد الله أصحابَه فقال : إن أولَ ما يُنْتِن من الإنسان بطنُه ، فمن استطاع أن لا يأكل إلاّ طَيبا فليفعل . رواه البخاري .
قالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ [ الإمام أحمد بن حنبل ] عَنْ الَّذِي يَتَعَامَلُ بِالرِّبَا : يُؤْكَلُ عِنْدَهُ ؟ قَالَ : لا ، قَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ ، وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ . اهـ .
هذا إذا كان ماله كله مُحرّما ، أما إذا كان مُخْتَلِطا ببعض الحرام ، فالتورَّع عنه أوْلى .
وقد سُئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة هذا السؤال :
أسكن في قبيلة بالمغرب ، معظم سكانها يشتغلون بفرنسا ، ومعظمهم يملكون بقالات ويباع فيها الخمر ولحم الخنزير ، ويقولون : إن لم نَبِع الخمر ولحم الخنزير لا يأتيهم أحد ؛ لأنهم يتاجرون مع الفرنسيين . هل يجوز قبول هدية أو أكل وشرب عندهم ؟ وهل يجوز الزواج من بنات هؤلاء ولو كانوا أقرباء ؟ وإن كانت لكم كلمة حول هذه القضية فإننا حائرون فيها جزاكم الله خيرا .
فأجابت اللجنة :
لا يجوز للمسلم بيع الخمر والخنزير ولا أكل ثمنها ، لأن الله حرمهما ، وإذا حرم الله شيئا حَرَّم ثمنه ، كما في الحديث الصحيح ، وإذا كان مال المذكورين كله مِن حرام فإنه لا يجوز لكم قبول هديتهم ، أو الأكل من طعامهم ، وإذا كان ما لهم مختلطا مِن حلال وحرام فلا بأس بالأكل من طعامهم ، وقبول هديتهم ؛ لأن الله سبحانه أباح طعام أهل الكتاب ، وهو مُخْتَلَط ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل من طعامهم ، ولكن يجب عليكم نصيحتهم وتحذيرهم من بيع الخمر والخنزير ؛ عَملاً بِقَول الله سبحانه : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فَبِقَلْبِه ، وذلك أضعف الإيمان . رواه مسلم في صحيحه .
أما الزواج من بناتهم فلا حرج في ذلك إذا كُنّ مُسلمات مُحصنات .
وسبق :
هل أعيش مع أخي الذي يتاجر بالمخدرات ، وكسبه مِن الحرام ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12889
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|