راجية العفو
الصورة الرمزية راجية العفو

الهيئـة الإداريـة


رقم العضوية : 13
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : السعودية
المشاركات : 4,421
بمعدل : 0.79 يوميا

راجية العفو غير متواجد حالياً عرض البوم صور راجية العفو


  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : شرح أحاديث عمدة الأحكام
افتراضي الحديث الـ 237 في اختلاف الصحابة في متعة الحج
قديم بتاريخ : 13-03-2010 الساعة : 10:48 PM

الحديث الـ 237 في اختلاف الصحابة في متعة الحج

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهَا , وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ . قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ .
قَالَ الْبُخَارِيُّ : يُقَالُ : إنَّهُ عُمَرُ .
وَلِمُسْلِمٍ : نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ - وَأَمَرَنَا بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَاتَ .
وَلَهُمَا بِمَعْنَاهُ .

فيه مسائل :

1= قوله : " آية المتعة " يعني : مُتعة الحج . وهي التمتّع بِالعُمرة إلى الحج .

2= إثبات النسخ وجواز وقوعه في الأحكام دون العقائد والأخبار ، فهذه لا يدخلها النسخ ؛ لأنها لا تتغيّر ولا تتبدّل .

3= في رواية للبخاري : قال مروان بن الحكم : شهدت عثمان وعليًّا رضي الله عنهما ، وعثمان ينهى عن المتعة ، وأن يُجْمع بينهما ، فلما رأى عليٌّ أهَلّ بهما : لبيك بعمرة وحجة ، قال : ما كنت لأدَع سنة النبي صلى الله عليه وسلم لِقول أحَد . وفي رواية للدارمي : فلما رأى ذلك عليٌّ أهل بهما جميعا .
وفي رواية للبخاري من طريق سعيد بن المسيب قال : اختلف عليٌّ وعثمان رضي الله عنهما وهما بَعُسْفَان في المتعة ؛ فقال عليّ : ما تريد إلاَّ أن تَنهى عن أمْر فَعله النبي صلى الله عليه وسلم . فلما رأى ذلك عليٌّ أهل بهما جميعا .
وعند مسلم قال عبد الله بن شقيق :كان عثمان ينهى عن المتعة ، وكان عليٌّ يأمُر بها ، فقال عثمان لِعليّ كلمة ، ثم قال عليّ : لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أجل ، ولكنا كُنّا خَائفِين .

4= لِم كَرِه مَن كَرِه التمتّع في الحج ؟
اخْتُلِف في ذلك ؛ فمن الصحابة رضي الله عنهم من رأى أن متعة الحج خاصة بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم .
فعن أبي ذر رضي الله عنه قال : كانت لنا رُخصة ، يعني : المتعة في الحج . رواه مسلم .

قال ابن عبد البر : ولا أعرف من الصحابة مَن يجيز فسخ الحج في العمرة ، بل خُصّ بِه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
روي عن عثمان بن عفان أنه قال : مُتْعَة الحج كانت لنا ليست لكم . يعني : أمْر رسول الله عام حجة الوداع بِفَسْخ الحج في العمرة . اهـ .

وعثمان رضي الله عنه قال لِعليّ : ولكنا كُنّا خَائفِين .
وأشكل قول عثمان هذا على بعض أهل العِلْم .
قال القرطبي : قوله : "خائفين" أي : مِن أن يكون أجْر مَن أفْرَد أعظم من أجر مَن تمتع . قال ابن حجر : كذا قال ؛ وهو جمع حَسن ، ولكن لا يخفى بُعْده . اهـ .

ومِمن كَرِه المتعة في أشهر الحج : عمر رضي الله عنه ومعاوية وابن مسعود رضي الله عنهم .
قال ابن عبد البر : المشهور عن عمر وعثمان أنهما كانا لا يَريان التمتع ولا القِران .
قال :
قد كان جماعة من العلماء يزعمون أن المتعة التي نهى عنها عمر رضي الله عنه وضرب عليها فسخ الحج في عمرة ، فأما التمتع بالعمرة إلى الحج فلا .
وزعم من صحح نهي عمر عن التمتع أنه إنما نهى عنه لِيُنْتَجَع البيت مرتين أو أكثر في العام .
وقال آخرون : إنما نهى عنها عمر لأنه رأى الناس مالُوا إلى التمتع لِيَسَارَته وخِفّته ، فَخَشِي أن يَضِيع القِرَان والإفْرَاد ، وهما سُنتان للنبي صلى الله عليه وسلم .
وروى الزهري عن سالم قال : سُئل ابن عمر عن متعة الحج فأمر بها ، فقيل له : إنك تُخالِف أباك ! فقال : إن عُمر لم يَقُل الذي تقولون ، إنما قال عمر : أفردوا الحج من العمرة ، فإنه أتم للعمرة .
أي : أن العمرة لا تتم في شهور الحج إلاّ بهدي ، وأراد أن يُزار البيت في غير شهور الحج ، فجعلتموها أنتم حراما ، وعاقبتم الناس عليها ، وقد أحَلّها الله عزَّ وَجَلّ وعَمِل بها رسوله صلى الله عليه وسلم . فإذا أكثروا عليه قال : كتاب الله بيني وبينكم ؛ كتاب الله أحق أن يُتّبع أم عُمر ؟!
وقال : الصحيح عندي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يَنْهَ عن التمتع المذكور في هذا الباب ؛ لأنه كان أعلم بالله ورسوله من أن ينهى عما أباحه الله في كتابه ، وأباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمَر به ، وأذِن فيه، وإنما نهى عُمر عند أكثر العلماء عن فَسخ الحج في العمرة ، فهذه العمرة التي تواعَد عليها عُمر . اهـ .

وقال القرطبي : وقد قال جماعة من العلماء : إنما كرهه عُمر لأنه أحب أن يُزار البيت في العام مرتين: مَرّة في الحج ، ومَرّة في العمرة . ورأى الإفراد أفضل ، فكان يأمُر به ويَميل إليه . اهـ .

وجرى الخلاف بين الصحابة في هذه المسألة خاصة ، وإذا اختَلَف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن قول بعضهم على بعض حُجّة ، إلاّ بِموافقة السنة ، أو بِمرجِّحات خارجية .
قال ابن عبد البر : الحجة عند التنازع والاختلاف سُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . اهـ .

قال ابن قدامة : ولَمَّا نهى معاوية عن المتعة أمَرت عائشة حَشَمها ومَوَالِيها أن يُهِلّوا بها ، فقال معاوية : مَن هؤلاء ؟ فقيل : حَشَم أو مَوالي عائشة فأرسَل إليها : ما حَمَلك على ذلك ؟ قالت : أحببت أن يَعلم أن الذي قلتَ ليس كما قلت .

وقال عمران بن حصين رضي الله عنه : إني لأحدثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم ، واعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعْمَر طائفة من أهله في العَشر ، فلم تَنْزِل آية تنسخ ذلك ، ولم يَنْه عنه حتى مضى لوجهه . ارتأى كل امرئ بعد ما شاء أن يرتئي !
والمقصود بـ " العَشْر " عشر ذي الحجة . أي في أوّلها .
وعند مسلم : قال عمران بن حصين : نزلت آية المتعة في كتاب الله - يعني متعة الحج - وأمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لم تَنْزِل آية تنسخ آية متعة الحج ، ولم يَنْه عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات . قال رَجُلٌ بِرَأيه بعد ما شاء !
وفي رواية له : ارتأى رَجُلٌ برأيه ما شاء . يعني : عُمر .
وفي رواية له : قال فيها رَجُلٌ برأيه ما شاء .

وكان عمران رضي الله عنه على هذا القول إلى أن مات .
وفي صحيح مسلم من طريق مُطَرِّف قال : بعث إليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه ، فقال : إني كنت مُحَدِّثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدي ، فإن عشت فاكْتُم عَنِّي ، وإن مُتّ فَحَدِّث بها إن شئت ؛ إِنَّهُ قَدْ سُلِّمَ عَلَيَّ ، وَاعْلَمْ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ قَدْ جَمَعَ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ فِيهَا كِتَابُ اللَّهِ ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ رَجُلٌ فِيهَا بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ .

5= تمتّع الصحابة مع النبي ﷺ لِمن لم يسُق الهدي ، ولِمن كان قارنا على وجه الخصوص .

6= تعظيم الصحابة رضي الله عنهم للسُّـنَّـة . وممن عُرِف عنه ذلك عمران بن حُصين رضي الله عنه
قال أبو قتادة : كنا عند عمران بن حصين في رهط منا ، وفينا بُشَيْرُ بن كعب ، فحدثنا عمران يومئذ قال : قال رسول الله عليه وسلم : الحياء خيرٌ كله . قال : أَوْ قَالَ : الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْر .
فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ : إِنَّا لَنَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَوْ الْحِكْمَةِ أَنَّ مِنْهُ سَكِينَةً وَوَقَارًا لِلَّهِ وَمِنْهُ ضَعْف ! قَالَ : فَغَضِبَ عِمْرَانُ حَتَّى احْمَرَّتَا عَيْنَاهُ ، وَقَالَ : أَلا أَرَانِي أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُعَارِضُ فِيهِ ؟ قَالَ : فَأَعَادَ عِمْرَانُ الْحَدِيثَ ، قَالَ : فَأَعَادَ بُشَيْرٌ ! فَغَضِبَ عِمْرَانُ قَالَ : فَمَا زِلْنَا نَقُولُ فِيهِ إِنَّهُ مِنَّا يَا أَبَا نُجَيْدٍ ، إِنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ . رواه البخاري ومسلم . واللفظ لمسلم .
وتقدّم أن ابن عمر رضي الله عنهما لَمّا عُورِض بِفعل أبيه احتجّ بالسنة ، وأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مُقدَّم على قول كلّ أحد ، ولا يُعارض قوله عليه الصلاة والسلام بِقول أحد ، ولو كان أقرب الناس. مع ما عُرِف عن ابن عمر رضي الله عنهما مِن بِرِّه بأبيه رضي الله عنه .
ويُنظر لذلك : تفسير القاسمي " محاسن التأويل " في تفسير قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .

يستفاد منه : وقوع الاجتهاد في الأحكام بين الصحابة وإنكار بعض المجتهدين على بعض بالنص . قاله العيني .

7= قول المصنف رحمه الله : " قَالَ الْبُخَارِيُّ : يُقَالُ : إنَّهُ عُمَرُ " هي رواية عند مسلم . ولعلها وقعت في بعض نُسخ البخاري .
قال العيني : وحَكى الحميدي أنه وقع في البخاري في رواية أبي رجاء عن عمران ، قال البخاري : يُقال : إنه عمر . أي : الرَّجُل الذي عناه عمران بن حصين . قيل : الأولى أن يُفَسَّر بها عُمر ، فإنه أوّل مَن نهى عنها ، وأما من نهي بعده في ذلك فهو تابع له . اهـ .

8= انعقاد الإجماع على جواز الأنساك الثلاثة ، وتقدّم النقل عن القاضي عياض وابن عبد البر والقرطبي وغيرهم ، وذلك في شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما ، وقد تقدّم .

9= في الحديث أن مُخالفة وليّ الأمر في الفتوى لا يُعتبر مِن مُنازعة وليّ الأمر .
قال البخاري : وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ : لَوْ وَضَعْتُمْ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ - ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لأَنْفَذْتُهَا !

وفي هذه الآثار أن عليًّا رضي الله عنه خالف خليفة المسلمين في النُّسُك .
وأن عمران بن حصين رضي الله عنه خالف قول عمر رضي الله عنه ، وهو خليفة المسلمين .

والله تعالى أعلم .

شرح فضيلة الشيخ : عبد الرحمن بن عبد الله السحيم

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سؤال عن صحة حديثين في الأخلاق ، وعن اختلاف العلماء في الحكم على درجات الحديث مُسلم قسـم السنـة النبويـة 1 20-08-2015 03:17 PM
الحديث الـ 244 في فَسْخ الْحَج إلى عُمْرَة راجية العفو شرح أحاديث عمدة الأحكام 0 13-03-2010 11:30 PM
عند اختلاف درجة الحديث في بعض الكتب أي الاقوال نرجح؟ *المتفائله* قسـم السنـة النبويـة 0 02-03-2010 05:42 AM
ما صحة الحديث الذي قال فيه أحد الصحابة إنه سيجعل للرسول ﷺ ثلث دعائه ؟ *المتفائله* إرشـاد الأدعـيــة 0 20-02-2010 11:13 AM
الحديث عما حصل بين الصحابة محب السلف قسـم العقـيدة والـتوحيد 0 18-02-2010 11:24 AM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 04:05 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى