|
|
المنتدى :
قسم أراشيف الفتاوى المكررة
ينكر أن الزنا دين
بتاريخ : 01-10-2012 الساعة : 09:38 PM
السؤال
السلام عليكم و رحمة الله و بركاتـه
حياكم الله شيخنا الجليل
أحد أصدقائي أنكر إنكارا تاماً أن الزنا دَيْن أقصد الزنا بشكل عام كالنظر و غيره
بقوله أنه لا دليل على ذلك و أنه لا تزر وازرة وزر أخرى فما دخل الأخت أو الزوجة أو الأم إن كان لديها رجل فاسق أو عاصٍ ؟
أحب أن أتوثق من فضيلتكم حول هذا الأمر هل هو صحيح أم لا ؟؟
و بارك الله فيكم و نفع الله بكم

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .
سبق أن سُئلت عن الزنا – أجارك الله – فقلت :
الزنا جريمة بشعة ، وذَنْب عظيم ، وقد أنِفَتْ مِنه البهائم !
وهو مِن الذنوب التي تُعجّل عقوابتها
قال وهذا من الأمور التي تُعجَّل عقوبتها في الدنيا ، مع ما يكون في الآخرة ، إن لم يَتُب من فِعله هذا
قال الإمام الشافعي – رحمه الله – :
عُفّوا تَعُفّ نساءكم في الْمَحْرَمِ = وتجنبـوا ما لا يليق بمسلـم
إن الزنـا دين إذا أقرضته = كان الوفا مِن أهل بيتك فاعلم
من يَزْنِ في قوم بألفي درهم = في أهله يُزنَى بربـع الدرهـم
من يَزْنِ يُزنَ به ولو بِجـداره = إن كنت يا هذا لبيب فافهم
يا هاتكا حُرَمَ الرجال وتابِعًا = طُرق الفساد عِشْت غيرَ مُكرّم
لو كنت حُراً من سلالة ماجدٍ = ما كنت هتاكاً لحرمة مسلمِ
ويُروى أن رجلا أوصى ابنه عندما أراد الابن السفر ، فقال لـه : احفظ اختك ، فاستغرب الابن من هذه الوصية وهو يريد أن يسافر ويبتعد عن أخته ، فمضت الأيام ، فرأى الأب ساقي الماء يقبل ابنته ، فلما عاد الابن قال لـه أبوه : ألم أقل لك احفظ اختك . قال وماذاك ؟ قل له : دقـة بدقّـة ، ولو زدتّ لزاد السقا .
ومثل هذا الفِعل يبقى أثره حتى بعد الزواج ، فيكون هذا الشخص على وَجَل من أن يُردّ إليه الدَّين ، ويُفعَل بأهله مثل ما فَعَل .
ثم يُورثه هذا شَكا في أهله ! فيعيش حياة همٍّ ونَكَد .
فاعترض أحد الشباب على هذا القول ، بقوله : (معروف أن الإنسان مسؤول أمام الله بما يفعل هو شخصيا
الابن لا يستطيع أن يأخذ سيئة عن والده وهكذا
ما ذنب الزوجة : هل لان زوجها او اخوها زنا هل يؤل بها الا ان يعاقبها الله على ذنب ليس لها سبب فيه ؟!
هذا كلام فيه ظلم للمرأة وفيه أن ارتكاب لكبيرة من كبائر الذنوب !
والمتسبب هو الزوج هل يعقل ؟ )
فقلت له :
لي ملحوظات على هذا القول :
الأولى : أن الزّنا نَوْع مِن البَغي والفساد في الأرض ، مع ما فيه مِن قطيعة الأرحام والهلاك إذا كان في الأقارب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما مِن ذَنْب أجْدَر أن يُعَجِّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يَدَّخِر له في الآخرة مثل البَغي وقطيعة الرَّحِم . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني .
وفي رواية لأحمد : ذَنْبَانِ مُعَجَّلانِ لا يُؤَخَّرَانِ : الْبَغْيُ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ .
والزِّنا يدخل دخولاً أولِـيًّا في مسمى البَغْي .
قال تعالى : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) .
ومِنه سُمِّيت الزانية : بَغِيّ .
قال القاضي عياض : مَهْر البَغي : هو ما تُعْطَى الزانية على الزنا بها ، وهي البغيّ بكسر الغين ، والزِّنا هو البِغَاء . اهـ .
وإذا وَقَع الزنا في الأقارب فهذا أجْدَر وأحْرَى وأقْرَب لِتعجيل العقوبة ؛ إذ يَجتمع فيه البَغي وقطيعة الرحم .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إياكم والدخول على النساء . فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أفرأيت الْحَمْو ؟ قال : الْحَمْو الموت . رواه البخاري ومسلم .
الثانية : في قولك – حفظك الله – : ( معروف أن الإنسان مسؤول أمام الله بما يفعل هو شخصيا
الابن لا يستطيع أن يأخذ سيئة عن والده وهكذا ) .
هذا صحيح ابتداء .
المتقّرِّر في كِتاب الله وسُنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم أن لا يُؤخَذ أحَدٌ بِجَرِيرَة غيره .
قال تعالى : ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة رضي الله عنه : من هذا معك ؟ قال : هذا والله ابْنِي ؟ قال : فَضَحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم لِحَلِف أَبِي عليّ ، ثم قال : صَدَقْتَ ، أما إنك لا تَجْنِي عليه ولا يَجْنِي عليك . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
إلاَّ أن الابن قد يجني على أبيه ، والعكس ، فقد يجني الأب على ابنه .
ألا تَرى أن دِيَة الخطأ تَجِب على العاقلة ؟
ويتحمّل الأب جزءا من جناية ابنه .
وَوَرَد بخصوص ابن الزنا الذَّم ، مِن حيث إنه يُذمّ إذا فَعَل فِعل والِديه .
ويُذمّ من جِهة كون أصلِه نُطفة مِن حرام ، ومن كان كذلك فقد يَغلِب عليه تأثير خُبث النطفة .
إلى غير ذلك ، مما يَخرج عن أصل تلك القاعدة .
الثالثة : قولك : ( ما ذنب الزوجة : هل لأن زوجها أو أخوها زنا هل يؤل بها إلى أن يعاقبها الله على ذنب ليس لها سبب فيه؟ !
هذا كلام فيه ظلم للمرأة وفيه أن ارتكاب لكبيرة من كبائر الذنوب !
والمتسبب هو الزوج هل يعقل ؟ )
أقول : ليس فيه ظُلْم للمرأة .
كيف ؟
لا تُعاقب المرأة بِسبب ما فعله الرجل ، مِن أخٍ أو زوج ، وإنما يُعاقَب الرجل بأن تَقع زوجته أو أخته بِمثل ما وقع فيه .
فالذي كان يَزني ولم يَتُب يُعاقَب بأن تكون زوجته ممن لا تتورّع عن الزنا ، فيكون الجزاء مِن جنس العَمَل .
ويكون الرجل هو الذي يُعاقب بأن لا يُوفّق للزواج مِن امرأة عفيفة ، وكذلك يُبتَلى الزاني بِعدم استعفاف مَحارِمه ، خاصة إذا عَلمْن أن وليّهن أو قريبهن يرتكب هذه الفاحشة ، فقد يكون هو الذي جرأهنّ على ذلك بِفعلته تِلك .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|