|
|
كاتب الموضوع :
ناصرة السنة
المنتدى :
قسـم المقـالات والـدروس والخُطب
بتاريخ : 25-02-2010 الساعة : 12:21 AM
س18:
هل صح حديث ( لم يكذب ابراهيم الا ثلاث كذبات ) وان صح كيف نوفق بينه وبين العصمة
وبارك الله في جهودكم

الجواب :
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم يكذب إبراهيم النبيّ عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات ؛ ثنتين في ذات الله قوله : ( إني سقيم ) ، وقوله : ( بل فعله كبيرهم هذا ) وواحدة في شأن سارة ، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة ، وكانت أحسن الناس ، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم إنك امرأتي يغلبني عليك ، فإن سألك فأخبريه إنك أختي ، فإنك أختي في الإسلام ، فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك ، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار أتاه فقال له : لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي لها أن تكون إلا لك ، فأرسل إليها فأتي بها ، فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة ، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها ، فقُبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ولا أضرك ، ففعلت ، فعاد ، فقُبضت أشد من القبضة الأولى ، فقال لها مثل ذلك ، ففعلت ، فعاد ، فقُبضت أشد من القبضتين الأوليين ، فقال : ادعي الله أن يطلق يدي فلك الله أن لا أضرك ، ففعلت ، وأُطلِقت يده ، ودعا الذي جاء بها فقال له : إنك إنما أتيتني بشيطان ! ولم تأتني بإنسان ، فأخرِجها من أرضي ، وأعطها هاجر . قال : فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف فقال لها : مهيم ؟ قالت : خيراً . كفّ الله يد الفاجر ، وأخدم خادما .
و ( مهيم ) كلمة يُراد بها الاستفهام .
هذا خبر الصادق المصدوق صلى الله عليه على آله وسلم .
وكيف اعتبر إبراهيم ومن بعده محمد - صلى الله عليهم وسلم - هذه كذبات ! مع أنها ليست بالكذب الصريح بل تحتمل التعريض ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - .
وهذا يدلّ على عِظم شأن الكذب .
وكيف عُدّت هذه من الكذب ، وهي للمصلحة .
ولا يتنافى هذا مع عصمة الأنبياء ؛ لأن نبي الله إبراهيم إنما قال ما قال ضمن دعوته لقومه
كما أخبر الله عنه في إقامة الحجة على قومه
قال الله عز وجل : ( وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّي هَـذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) الآيات .
ومع هذا لا يُعـدّ هذا القول شركاً !
أعني عندما قال : هذا ربي .
والصحيح أن الأنبياء معصومون من الكبائر ، ومن الصغائر المُستحقرة ، أو أن يُقرّوا عليها .
كما أنهم معصومون من الخطأ فيما يتعلق بالتبليغ .
أما مُجرد الخطأ فليسوا بمعصومين منه .
ويدل على هذا أدلة :
ما وقع لأبي البشر آدم - عليه الصلاة والسلام - وأكله من الشجرة وتوبة الله عليه بعدها .
والحديث الذي معنا - في قصة الخليل - عليه الصلاة والسلام -
ومثله ما جرى من موسى - عليه الصلاة والسلام - ( فوكزه موسى فقضى عليه )
وما وقع لأيوب - عليه الصلاة والسلام -
وما حصل ليونس - عليه الصلاة والسلام - وخروجه غاضبا تاركاً قومه .
وما وقع بالنسبة للأسرى يوم بدر
وما وقع لابن أم مكتوم ، ونزول سورة عبسَ
وغيرها من الوقائع التي وقعت لأنبياء الله ورسله ، وما جرى منهم مجرى الاجتهاد ، أو حملتهم عليه الطبيعة البشرية .
فهذا غير داخل في العصمة .
فصلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
والله أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|