قال عبد الله بن المبارك : ذكر سفيان الثوري امرأة بالكوفة ، يقال لها ، أم حسان ذات اجتهاد وعبادة ،
فدخلنا بيتها فلم نر فيه شيئًا غير قطعة حصير خَلق، فقال لها الثوري :لو كتبتِ رقعة إلى بعض بني أعمامك لغيَّروا من سوء حالك ،
فقالت ،
ياسفيان قد كنتَ في عيني أعظم ، وفي قلبي أكبر مذ ساعتك هذه ، إني ما أسأل الدنيا منْ يقدر عليها ويملكها ويحكم فيها ،
فكيف أسأل من لا يقدر عليها ،
ولا يقضى ، ولا يحكم فيها ؟
ياسفيان والله ماأحب أن يأتي على وقت وأنا متشاغلة فيه عن الله تعالى بغيرالله ،
فأبكت سفيان ، وقال عبد الله : فبلغني أن سفيان تزوج بها .
.قال ابن تيمة رحمه الله:
ونظيره في الدنيا من نَزل به بلاء عظيم أو فاقة شديدة أو خوف مقلق،
فجعل يدعو الله ويتضرع إليه، حتى فَتح له من لذّة مناجاته ما كان أحبَّ إليه من تلك الحاجة التي قصدها أوّلاً،
ولكنه لم يكن يعرف ذلك أوّلاً حتى يطلبه ويشتاق إليه .
قال سفيان بن عيينة رحمه الله :"لا تتركوا الدعاء، ولا يمنعكم منه ما تعلمون من أنفسكم، فقد استجاب الله لإبليس وهو شر الخلق، قال: ﴿ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ [الأعراف: 14، 15]".