مِن دروس الصيام : الشعور بالجسد الواحد ..
فإن الصائم يشعر بالجوع وبالعطش ، فيُحسّ بِحَال إخوانه ممن يَمَسّهم الضرّ طيلة العام ، وممن يقرصهم الجوع على مَدى الأيام ، لا ينتظرون الغروب ليأكلوا ، فليس لديهم غُروب لِشمس الجوع ، ولا أُفُول لِنَجْم الفَقر ، إلاّ أن يشاء الله ..
ويُتَوِّج هذا الشعور : المسارعة إلى إخراج زكاة الفطْر قبل العيد بِيَومٍ أو يومين ، أو قبل صلاة العيد ..
والحكمة : إغناء الفقراء عن السؤال ..
ولأن مَن يَشعر بِمَسّ الجوع لا يَكْتَمِل فَرَحه ..
قَالَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ؛ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِىَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِىَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ . رواه أبو داود وابن ماجه . وصححه الألباني .
ومِن هذا الباب مَنْعه صلى الله عليه وسلم مِن ادِّخار لحوم الأضاحي في سَنة مِن السنوات ، حيث وُجِدَت حاجة بِبَعض المسلمين .. وذلك تَكافُلا وشُعورا بِشُعور الجسد الواحد .
فقد قيل لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم : نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاثٍ ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا . رواه مسلم .
مع ما يَتَذَكّره المسلم في يوم عيدِه مِن فَضيلة إدخال السرور على قَلْب مُسْلِم ..
قال عليه الصلاة والسلام : أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ، وأحب الأعمال إلى الله سرور تُدْخله على مُسلم ، أو تَكشف عنه كُربة ، أو تقضي عنه دَينا ، أو تَطْرد عنه جُوعًا . رواه الطبراني ، وحَسّنه الألباني .
وهذا يُؤكِّد على شعور الجسد الواحد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم : الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا . رواه البخاري ومسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى . رواه مسلم .
29 / رمضان / 1431 هـ
كتبه الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض