|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
هل يجوز أن يُقال عن كورونا : إنه جند مِن جنود الله ؟
بتاريخ : 28-03-2020 الساعة : 11:02 PM
السلام عليكم
بارك الله فيكم
هل يجوز أن يُقال عن كورونا : إنه جند مِن جنود الله ؟
_____________________________________
الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
يصح مِن حيث العموم .
قال الله عزّ وجَلّ : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون : هُوَ عَذَابٌ أَوْ رِجْزٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَى طَائِفَةٍ مِن بَنِي إِسْرَائِيل ، أَوْ نَاسٍ كَانُوا قَبْلَكُم. رواه البخاري ومسلم .
ولا يُعتَرَض على هذا : بأننا لو هَزَمْنا الوباء فكأننا نَهْزِم جُنود الله ؛ لأنه لا يَصِح القَوْل بِأنّنا هَزَمْنَا الوَبَاء ؛ لأن الذي أرسَل الوَباء وسَلَّطَه هو الله ، وهو الذي يَرْفَعُه إذا شاء أن يَرْفَعَه ، ولا قُدرة ولا طاقة للبَشَر بِرَفْعه إذا لم يُرِد الله رَفْعه .
كما أنه لا يَشفِي مِن الدّاء إلاّ الله .
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في رُقية المريض : أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وَأَنْتَ الشَّافِي ، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا . رواه البخاري ومسلم .
ومَن قال بِأننا هَزَمْنَا الوَبَاء ؛ فقد اعتَدّ بِنَفْسِه .
ومَن اعتَدّ بِنَفْسِه وُكِل إلى نَفْسِه .
ومن وُكِل إلى نَفسِه ؛ فقد وُكل إلى عَجْزٍ وضَعْفٍ وعَوْرة .
والمسلم مأمُور أن يقولَ كُلَّ صباحٍ ومساء : لا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْن .
قال الشيخ الفَاضِل بَكر أبو زَيد في " مُعْجَم الْمَناهي اللفْظِية " : في تَقْرِير للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى لَمّا سُئِل عن قَول مَن قَال : " تَجِب الثِّقَة بالنَّفْس " أجَاب : لا تَجِب ، ولا تَجُوز الثِّقَة بالنَّفْس . في الحديث : ولا تَكِلْنِي إلى نَفْسِي طَرْفَة عَين .
قال الشيخ ابن قاسم مُعَلِّقًا عليه : وجاء في حديث رواه أحمد : وأشْهَد أنك إن تَكِلْنِي إلى نَفْسِي تَكِلْنِي إلى ضَيْعَة وعَوْرَة وذَنْب وخَطِيئة ، وإني لا أثِق إلاَّ بِرَحْمَتِك . (مُعجَم المنَاهِي اللفْظِيّة)
وقد عَلِم فِرعون وآل فرعون أن الذي يكشف الضرّ والبلوى هو الله ، وأن البلاء لا يَرفَعه جَبَروت فِرعون ، وإنما يرْفَعه التضرّع والدعاء !
قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) .
وقال اللهُ تبارك وتعالى : (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ) .
فأقرّوا ضِمْنًا أنَّ موسى عليه الصلاة والسلام على الْحَقِّ ، وأنه لا يُنجِي مِن ذلك العذابِ إلاّ اللهُ .
وهُمُ الذين كانوا يقولون عن موسى : إنه ساحِر ، وهو الْمُتّهمُ بأنه سيُغيّر الدِّينَ ، ويُظهر في الأرضِ الفسادَ !
ولا فَرْق بين أن يُقال : جُنديّ مِن جُنود الله وبين أن يُقال : آية مِن آيات الله .
وقد قال الله عَزّ وَجَلّ : (وَمَا نُرْسِلُ بِالآَيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا)
قال القرطبي : فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ :
الأَوَّلُ : الْعِبَرُ وَالْمُعْجِزَاتُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ مِن دَلائِلِ الإِنْذَارِ تَخْوِيفًا لِلْمُكَذِّبِينَ .
الثَّانِي: أَنَّهَا آيَاتُ الانْتِقَامِ تَخْوِيفًا مِنَ الْمَعَاصِي .
الثَّالِث : أَنَّهَا تَقَلُّبُ الأَحْوَالِ مِنْ صِغَرٍ إِلَى شَبَابٍ ثُمَّ إِلَى تَكَهُّلٍ ثُمَّ إِلَى مَشِيبٍ ، لِتَعْتَبِرَ بِتَقَلُّبِ أَحْوَالِكَ فَتَخَافَ عَاقِبَةَ أَمْرِكَ ، وَهَذَا قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه .
الرابع : القُرْآن .
الخامِس : الموت الذّرِيع . (الجامع لأحكام القرآن)
ومِثْله : قوله عليه الصلاة والسلام : إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية : وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ .
ويُذَكّرني هذا بِجوابٍ للصحابي الجليل والخليفة الراشِد : عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، وقد سُئل : أي الخلائق أشد ؟
فقال : أشَدّ خَلْق ربك عَشَرة : الجبال الرواسي ، والحديد تُنْحَت به الجبال ، والنار تأكل الحديد ، والماء يُطْفِئ النار ، والسّحَاب الْمُسَخّر بين السماء والأرض يَحْمِل الماء ، والرّيح تُقِلّ السحاب ، والإنسان يَتّقِي الريح ويَذهب لِحَاجَته ، والسُّكْر يَغلِب الإنسان ، والنوم يَغلِب السُّكْر ، والْهَمّ يَغلِب النّوم . فأشَدّ خَلْق رَبّكم الْهَمّ . رواه الطبراني في " الأوسط " وابن عساكر في " تاريخ دمشق " .
وهنا :
ما الرد على من يقول إن فيروس (كورونا) مذكور في سورة المدثر ؟
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=22238
مِن تَبِعات انتشار الوباء : (تنبيهات وإشارات)
https://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=16559
هل يصح قول ( الثقة بالنفس ) ؟!
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=721
وحول .. قول : ثق بنفسك ..
http://al-ershaad.net/vb4/showpost.p...21&postcount=2
والله تعالى أعلم .
المجيب فضيلة الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
|
|
|
|
|