منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية

منتديات الإرشاد للفتاوى الشرعية (http://al-ershaad.net/vb4/index.php)
-   قسـم العقـيدة والـتوحيد (http://al-ershaad.net/vb4/forumdisplay.php?f=5)
-   -   كيف نجمع بين رفض اليهود لأي شخص اعتناق ديانتهم وبين قوله تعالى (حتى تتبع ملتهم) ؟ (http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=14480)

حليمة 08-05-2016 11:28 PM

كيف نجمع بين رفض اليهود لأي شخص اعتناق ديانتهم وبين قوله تعالى (حتى تتبع ملتهم) ؟
 
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وفقكم الله لما فيه مرضاته

قرأت شبهة في النت ، و أريد لها جوابًا :

المعروف عن اليهود لا يقبلون لأي شخص أن يعتنق ديانتهم فهي حكرًا عليهم ،
لكن الله عز و جل يقول مخاطبًا نبيه الكريم صلى الله عليه و سلم : ( و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم )

فكيف يمكننا التوفيق بين نص الآية الكريمة و بين معتقد اليهود عليهم لعائن الله تترى ؟

عبد الرحمن السحيم 12-05-2016 06:54 PM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ووفقك الله لكل خير .

الجواب مِن وجوه :
الأول : أن اليهود ليسوا على مِلّة واحدة ، بل هُم مُتفرِّقون مُختَلِفون ، كما قال الله عَزّ وَجَلّ : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) ، فقد يُوجَد عند بعضهم ما لا يُوجد عند آخرين ، ويجوز عند قوم منهم ما لا يجوز عند قوم آخرين ، حتى المعاصِرِين منهم !

الثاني : أن الآية عامة في اليهود والنصارى ، وليست خاصة بِفِئة مِن اليهود ، ولا بِزمَن مُعيّن مِن الأزمِنة ، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد خُوطِب بها ، إلاّ أن العِبرة بِعُموم اللفظ لا بِخصوص السبب .
فقد يَسُوغ عند بعضهم في زَمن ما لا يسوغ عند غيرهم في زمن آخر !

الثالث : أن المقصود : اتِّباع أهوائهم ، وما يُريدونه مِن النبي صلى الله عليه وسلم ، بدليل قوله تعالى في آخر الآية : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) .
فالمقصد الأول عندهم ك تَرْك الدعوة إلى الإسلام .
قال القرطبي : قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) المعنى : ليس غَرَضهم يا محمد بما يَقترحُون من الآيات أن يُؤمِنوا ، بل لو أتيتهم بِكلّ ما يسألون لم يَرضوا عنك ، وإنما يُرضيهم تَرك ما أنت عليه من الإسلام واتّباعهم . اهـ .

الرابع : أن ذلك في اتِّبَاع قِبلَتهم خاصة .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : هذا في القِبلة ، وذلك أن يَهود المدينة ونصارى نجران كانوا يَرجُون النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يُصلّي إلى قِبلَتهم ، فلمّا صَرَف الله القبلة إلى الكعبة أَيسُوا في أن يُوافِقهم على دِينهم ، فأنزل الله تعالى : (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ) إلاّ باليهودية ، (وَلا النَّصَارَى) إلاّ بالنصرانية . ذَكَره البَغوي في تفسيره .

الخامس : أن هذا تأييسًا لهم ؛ أي : أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يتّبِع ملّتَكم لو كان هذا ممكنا .
فيكون كِقَوله تعالى : () وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آَيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ)
وكِقَوله جلّ جلاله : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) .
وكَقولِه تبارك وتعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) .

وكَقَول النبي صلى الله عليه وسلم لِعمّه أبي طالب : ما أنا بأقْدَر على أن أدَع لكم ذلك إلاّ أن تُشعلوا لي منها شُعلة . يعني الشمس . رواه أبو يَعلى ، وصححه الألباني .
ومعلوم أن هذا لا يُمكن أن يكون ؛ فيكون على سبيل الإياس مما يَطلبون .
ولذا قال أبو طالب : ما كَذَبَنا ابن أخي ، فارجِعُوا .

ويَجوز أن يَعود الضمير في القرآن على أحد المذكُورَين في السياق دون الآخر .
قال القرطبي : وفي التنْزِيل : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ) ، أي : مِن أحدهما ، وإنما يَخرج مِن الملح دون العَذب .
وقال : وإخراج الْحِلية إنما هي فيما عُرف مِن الملح فقط .

وعلينا اطِّرَاح الشُّبُهات ، وأن نُغلِق آذاننا عن سماعها ، كما كان السلف يَفعلون ، ويُوصُون غيرهم بذلك .

وسبق :
ولا نِصف كلمة !
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17497

والله تعالى أعلم .


الساعة الآن 06:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى