|
|
المنتدى :
قسـم الفقه العـام
ما حكم أكل اللحم البشري ؟
بتاريخ : 24-04-2013 الساعة : 03:17 AM
شيخنا المبارك أحد المشايخ قام يلقي درساً بأحد مساجد حيَّنا وقال كلاماً في نفسي منه شيء لكن لا عِلمَ عندي لرده فأرجو بيان الحق في قوله.
قال : بأنه يجوز أكل لحوم البشر إذ لا دليل على تحريم أكلها والأصل في الأشياء الإباحة، وليس لأحد أن يستدل بقوله " أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه "
فبمفهوم المخالفة يجوز أكله حياً لو قطع عضو من أعضائه لأن ما أبين من حي فهو كميتته وميتتة الإنسان طاهرة.
ولا يصح كذلك الاستدلال ب " كل المؤمن على المؤمن حرام دمه .. " لأنه خطاب للمؤمنين وعليه فيخرج غير المؤمن.
إلى آخر ما ذكره مما لست أذكره ، ثم ختم كلامه قائلاً : أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة على تحريم أكل لحوم البشر إلا الاستقذار العرفي ولا يصح دليلاً إذ أن غيرك لا يستقذره .
أرجو التوضيح والإبانة بورك فيكم

الجواب :
وبارك الله فيك .
رَحِم الله الإمام أحمد إذْ كان يقول : إياك أن تتكلّم في مسألة ليس لك فيها إمام .
ورَحِم الله شيخ الإسلام ابن تيمية إذْ كان يقول : وكُلّ قول يَنْفَرد به المتأخِّر عن المتقدمين ولم يَسْبِقه إليه أحد منهم فإنه يكون خطأ . اهـ .
وهذه المسألة أشْهَر مِن أن تُذكَر أو يُطلب لها دليل تحريم !
وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ ... إذا احتاجَ النهارُ إلى دليل
وتحريم أكْل لَحْم الآدمي مَحَلّ إجماع ، إلاّ في حال الاضطرار ؛ فقد اختلفوا في لحم غير معصوم الدمّ .
قال ابن قدامة في المغني :
يَحْرم على المضطر قَتل آدمي معصوم لِيأكُله ؛ مُسْلِمًا كان أو ذِمّيًّا لِحُرْمَته ، ويجوز ذلك إن كان حربيا أو مرتدا ؛ لأنه لا حُرمة له ، فهو بِمَنْزِلة السِّباع . وإن وُجد مَيتا جاز أكله كَما لو قَتَله . وإن وَجَد معصوما مَيتا ، لم يُبَح أكله ...
واحتج أصحابنا بحديث : كَسْر عَظْم الميت كَكَسْر عظم الْحَيّ .
واختار أبو الخطاب أن له أكْله . وقال : لا حُجة في الحديث هاهنا ؛ لأن الأكل مِن اللحم لا مِن العظم . اهـ .
وقال القرطبي في تفسيره : إذا وَجَد المُضْطَرّ ميتة وخنزيرا ولَحْم ابن آدم ، أكل الميتة ، لأنها حلال في حال. والخنزير وابن آدم لا يَحِلّ بِحَال . والتحريم المُخَفَّف أوْلى أن يُقْتَحَم مِن التحريم الـمُثَقَّـل . اهـ .
وقال الزيلعي في " تبيين الحقائق شرح كَنْز الدقائق " فيما يتعلّق بالْمُحْرِم :
وَإِنْ وَجَدَ لَحْمَ إنْسَانٍ وَصَيْدًا أَكَلَ الصَّيْدَ ؛ لأَنَّ لَحْمَ الإِنْسَانِ حَرَامٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَحَقًّا لِلْعَبْدِ ، وَالصَّيْدُ حَقًّا لِلشَّرْعِ لا غَيْرُ ، فَكَانَ أخَفّ . اهـ .
واستدلّ العلماء على تحريم أكل لَحْم الآدمي بقوله تعالى : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ)
قال ابن عابدين في " حاشية رد المختار على الدر المختار " : لحم الإنسان لا يُباح في الاضطرار لِكَرَامته . اهـ .
ثم إن أكْل لَحْم الآدمي مُضِرّ بآكِله ، ولذلك يُذْكَر بأن آكِل لحم الآدمي يُصاب بالسُّعار (الكَلَب) .
وقد ذَكَر بعض مشايخنا أن أقرب اللحوم إلى لحم الآدمي هو لحم الخنزير ، ولعل هذا مِن أسباب تحريم أكل لحم الخنزير ، وبالتالي فالْحُكم مُنْسَحب على لَحْم ابن آدم لِضرره .
وقد أمَر الله بأكْل الحلال الطيب ، ولَحْم الآدمي ليس كذلك ؛ لِمَا فيه مِن الأضرار ، ولِلإجماع على تحريمه في غير الاضطرار .
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا ًطَيِّبًا)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فَإِنَّمَا أَذِنَ لِلنَّاسِ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ بِشَرْطَيْنِ : أَنْ يَكُونَ طَيِّبًا ، وَأَنْ يَكُونَ حَلالا . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|