|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
كيف نجمع بين حديث أبي هريرة في الجُنب وبين صيام الرسول بعدما أصبح وهو جُنب ؟
بتاريخ : 03-06-2015 الساعة : 03:07 PM
السؤال
فضيلة الشيخ
كيف يجاب عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه عن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ، صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَحَدُكُمْ جُنُبٌ، فَلَا يَصُمْ يَوْمَئِذٍ" صححه ابن كثير،
وحديث عائشة من أنه كان يدركه الفجر وهو جنب من أهله ويصوم "
مع الجهل بالتاريخ وكون الحديث الأول دلالة قولية والثاني دلالته فعلية؟
وجزاكم الله خيراً

الجواب :
وجزاك الله خيرا .
القول الثاني أقوى وأرجح لثلاثة أسباب :
السبب الأول : كون دلالة القول الأول دلالته قولية وفعلية .
أما الدلالة القولية ، ففي حديث عائشة رضي الله عنها : أَنَّ رَجُلاً جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِيهِ - وَهِىَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ -فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تُدْرِكُنِي الصَّلاَةُ وَأَنَا جُنُبٌ ، أَفَأَصُومُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلاَةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ . فَقَالَ : لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ . فَقَالَ : وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِى . رواه مسلم .
وأما الدلالة الفعلية ، ففي حديث عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ .
السبب الثاني : أن أبا هريرة رضي الله عنه رجَع عمّا حدَّث به ، مع ترجيح أن القول الأول موقوف على أبي هريرة رضي الله عنه .
ففي الصحيحين مِن طريق أَبُي بَكْرِ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بنِ هِشَامٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُصُّ يَقُولُ فِي قَصَصِهِ : مَنْ أَدْرَكَهُ الْفَجْرُ جُنُبًا فَلاَ يَصُمْ . فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ - لأَبِيهِ - فَأَنْكَرَ ذَلِكَ . فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما فَسَأَلَهُمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ ذَلِكَ - قَالَ - فَكِلْتَاهُمَا قَالَتْ كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ . قَالَ : فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى مَرْوَانَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ . فَقَالَ مَرْوَانُ : عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا ذَهَبْتَ إِلَى أَبِى هُرَيْرَةَ فَرَدَدْتَ عَلَيْهِ مَا يَقُولُ . قَالَ : فَجِئْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبُو بَكْرٍ حَاضِرُ ذَلِكَ كُلِّهِ . قَالَ : فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَهُمَا قَالَتَاهُ لَكَ ؟ قَالَ نَعَمْ . قَالَ : هُمَا أَعْلَمُ . ثُمَّ رَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَى الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنَ الْفَضْلِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم . قَالَ : فَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَمَّا كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ .
السبب الثالث : ثبوت الإجماع على صِحّة صوم الجنب ، وارتِفاع الخلاف .
قال النووي بَعْدَ حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ في هذه المسألة : ثم ارتفع هذا الخلاف وأجمع العلماء بعد هؤلاء على صحته . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية
|
|
|
|
|