|
|
المنتدى :
قسم أراشيف الفتاوى المكررة
هل حب المنصب و ثناء الناس تُحبط العمل وتنافي الإخلاص ؟
بتاريخ : 30-05-2016 الساعة : 11:26 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الناس يحبون الصدارة والمنصب ومدح الناس وثناءهم ، ويعملون كل شيء للوصول لهدفهم
هل هذه الاشياء من محبطات الأعمال ؟
وفقكم الله شيخي الفاضل وجزاكم كل خير

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا ، ووفقك الله لكل خير .
مدح الناس وثناؤهم لا يُقدِّم ولا يُؤخِّر إلاّ إذا كان بِحَقّ ، ولم يكن نتيجة تصنّع ولا بِدافِع الْهَوى .
رَوى البخاري ومُسلم مِن حديث أنس رضي الله عنه قال : مَرّوا بِجنازة ، فأثنوا عليها خيرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وَجَبَتْ ، ثم مَرّوا بأخرى ، فأثنوا عليها شَرّا ، فقال : وَجَبَتْ ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وَجَبَتْ ؟ قال : هذا أثنيتم عليه خيرا ، فَوَجَبت له الجنة ، وهذا أثنيتم عليه شَرا ، فَوَجَبَت له النار ، أنتم شهداء الله في الأرض .
وفي رواية : المؤمنون شُهداء الله في الأرض .
قال ابنُ عبد البر : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم لا يُثْنُون على أحدٍ إلاّ بِالصّدْق ، ولا يَمْدَحون إلاّ بِالْحَقّ ، لا لشيء مِن أعراض الدنيا ، شَهوة ، أو عَصَبيّة ، أو تَقِيّة . ومن كان ثناؤه هكذا يَصِحّ فيه هذا الحديث ، وما كان مِثْله . اهـ .
وهذا يَعني : أن الشهادة التي باعِثها الهوى أو العداوة ، لا تدخل في هذا الحديث .
وعلى المسلم أن يَطلب رضا الله ؛ فإنه تبارك وتعالى إذا رَضِي أرضى الناس عمّن رضِي عنه ، وإذا سَخِط أسخط الناس على مَن سَخِط عليه .
وأن يَطلب الثناء مِن الله ؛ فإن الله يُثني على عَبدِه – أو على أمَتِه – في الملأ الأعلى .
ومِن هنا كان مَدْح الله تعالى زَين ، وذمّه شَيْن .
قال أبو إسحاق الفزاري : إن مِن الناس مَن يُحب الثناء عليه وما يُساوي عند الله جناح بعوضة !
وليس للإنسان إلاّ ما نَوى .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مَن غزا ولا يَنوي في غزاته إلاّ عِقالا ؛ فَلَه ما نوى . رواه الإمام أحمد والنسائي ، وحسّنه الألباني والأرنؤوط .
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : الرَّجُل يُقَاتِل للمَغْنَم ، والرَّجُل يُقِاتِل للذِّكْر ، والرَّجُل يُقَاتِل ليُرَى مكانه . فمن في سبيل الله ؟ قال : مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله . رواه البخاري ومسلم .
فَمَنلم يُرِد إلاّ ثناء الناس ومَدحَهم ، فهو على خَطَر عظيم ، فإن أوّل مَن تُسعّر بهم النار ثلاثة ، وذلك أنهم ما أرادوا إلاّ ثناء الناس ومَدْحَهم ، وقد نَالُوا ما أرادوا فَليس لهم في الآخرة مِن نصيب .
وماذا يَملك الناس للناس ؟!
الإنسان لا يَملك لنفسه – فضلاً عن غيره – نَفعا ولا ضرّا ، ولا يَملك مَوتًا ولا حياة ولا نُشورا ، كما قال الله تعالى : (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا) .
وحُبّ الشهرة يتنافى مع الإخلاص .
قال ابن القيم : لا يَجتمع الإخلاص في القلب ومَحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلاّ كمَا يَجتمع الماء والنار والضَّبّ والْحُوت . فإذا حَدَّثتك نفسك بِطَلب الإخلاص فأقْبِل على الطمع أوّلاً فاذْبَحْه بِسِكّين اليأس ، وأقْبِل على المدح والثناء فازْهَد فيهما زُهد عشّاق الدنيا في الآخرة ! فإذا استقام لك ذَبح الطمع ، والزُّهد في الثناء والمدح ؛ سَهُل عليك الإخلاص .
فإن قُلت : وما الذي يُسهّل عليّ ذَبح الطمع ، والزهد في الثناء والمدح ؟
قلتُ : أما ذبح الطمع فيُسهّله عليك عِلْمك يَقِينا أنه ليس مِن شيء يُطمع فيه إلاّ وبِيَدِ الله وَحده خَزائنه ، لا يَملكها غيره ، ولا يؤتى العبد منها شيئا سِواه ، وأما الزهد في الثناء والمدح فيُسهّله عليك عِلمك أنه ليس أحد يَنفع مَدْحه ويَزِين ، ويَضر ذَمّه ويَشِين إلاّ الله وحده ، كَمَا قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم : إن مَدحِي زَين ، وذَمّي شَين ! فقال : " ذلك الله عز وجل " ، فازْهَد في مَدْح مَن لا يَزِينك مَدْحه ، وفي ذمّ مَن لا يَشِنيك ذمّه ، وارغب في مَدْح مَن كُلّ الزَّين في مَدْحه ، وكل الشَّين في ذَمّه . ولن يُقْدَر على ذلك إلاّ بالصبر واليقين ، فَمَتَى فَقَدْت الصَّبْر وَالْيَقِين كُنتَ كَمَن أَرَادَ السّفر في البحر في غير مَرْكب. اهـ .
وسبق الجواب عن :
هل الاجتهاد في العمل الوظيفي أمام المسؤولين يعتبر رياءً ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13215
يريد احتساب الأجر في حسن خلقه وفي نفس الوقت يريد مدح الناس ومحبتهم له
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=13296
الشخص يحاول يُحسّن خُلقه أمام الناس كي يَكسب حُبّهم ، هل هذا يؤجر عليه أم هورياء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9277
كيف أجعل نيتي خالصة لله دون رياء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=7128
يُصيبني العُجب كلما شاركت بنصيحة في المنتديات ، فكيف أتخلّص مِن الرياء ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18864
يعمل معلّما ويُحب ثناء الطلاب والآخرين عليه ويخشى أنّ هذا رياء
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4453
أخاف جدا من الرياء وأخاف أن أكون أول من تسعر بهم النّار
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3429
كيف أدفع الرياء عن نفسي ?
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3909
ما هي علامات الإخلاص وعلامات الرياء والعياذ بالله ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5036
هل التوبة من الرياء تُعيد إليه أجر ذلك العمل ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9163
ما رأيك بالناس الذين يبحثون عن الشهرة ؟ وما فائدتهم مِن وراء ذلك ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9094
ما هو حب الشهرة الْمُحرَّم ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=12552
كيف يكون الصدق مع الله تعالى ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=9093
هل أفعال الكافر الحسنة تكون سببا لتخفيف العذاب عنه في الآخرة ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=18577
ومقالات :
عاجل البشرى
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=5035
مَدْحُنا زَين وذمّنا شَين ..!!
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6172
لقد بَكى أُبَيّ . فما الذي أبكاه ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6297
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|