|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
في كِندة ثلاثة إن الله بهم يُنَزِّل الغيث وينصرنا هل تجوز مثل هذه العبارة ؟
بتاريخ : 22-03-2010 الساعة : 11:14 PM
" في كِندة ثلاثة إن الله بهم يُنَزِّل الغيث وينصرنا : رجاء بن حيوة وعُبادة بن نسي وعدي بن عدي "
سير أعلام النبلاء ( 5/324 )
هل تجوز مثل هذه العبارة ؟
بارك الله فيكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
وبارك الله فيك .
ذاك هو محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام .
قال أبو طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم :
وأبْيَض يُسْتَسْقَى الغَمَام بِوَجْهِه *** ثُمَال اليَتَامَى عِصْمَة للأرَامِلِ
روى الإمام أحمد وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : رُبَّمَا ذَكَرْتُ قول الشاعر وأنا أنظر إلى وَجْه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فَمَا نَـزَل حتى جَيَّش كُلّ مِيزَاب بِالْمَدِينَة ، فأذْكُر قَول الشاعر :
وأبْيَض يُسْتَسْقَى الغَمَام بِوَجْهِه *** ثُمَال اليَتَامَى عِصْمَة للأرَامِلِ
وذَكَر ابن عبد البرّ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صَعَد الْمِنْبر ، فَحَمِد الله وأثْنَى عليه ، ورَفَع يديه إلى السماء ، فقال : اللهم اسقنا غيثا مَريعا غَدقا طَبقا عَاجلا غير رَائث نافعا غير ضار ، تَمْلأ بِه الضَّرْع ، وتُنْبِت به الزَّرْع ، وتُحْيِي بِه الأرض بَعْد مَوْتِها ، وكذلك تخرجون .
قال فما رَدَّ رَسول الله يَديه إلى نَحْره حتى الْتَقَتِ السَّمَاء بِأرْوَاقِها ، وجاء أهل البطانة يَضِجُّون : يا رسول الله الغَرَق الغَرَق ! فَرَفَع يَده إلى السَّماء وقال : اللهم حوالينا ولا علينا . فَانْجَاب السَّحَاب عن المدينة حتى أحْدَق بِها كَالإكْلِيل ، فَضَحِك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نَوَاجِذُه ، ثم قال : لله أبو طالب لو كان حَـيًَّا قَرَّتْ عَيْنَاه ! مَن الذي يُنْشِدُنا قَوله ؟ فَقَام عليّ بن أبي طالب فَقَال : يا رسول الله كأنك أرَدْتَ قَوْلَه :
وأبْيَض يُسْتَسْقَى الغَمَام بِوَجْهِه *** ثُمَال اليَتَامَى عِصْمَة للأرَامِلِ
ولذا لَمَّا احْتُضِر أبو بكر رضي الله عنه تَمَثَّلَتْ عائشة رضي الله عنها بهذا البيت :
وأبْيَض يُسْتَسْقَى الغَمَام بِوَجْهِه *** ثُمَال اليَتَامَى عِصْمَة للأرَامِلِ
فقال أبو بكر رضي الله عنه : ذاك واللهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم . رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة .
فلا يَجوز اعتِقاد أنَّ فلانا يُنَزِّل الله بِه الغِيث ؛ لأسباب :
أولاً : أن ذلك كان مِن شأن محمد صلى الله عليه وسلم .
ثانيا : لِمَا في ذلك مِن التَّزْكِيَة خاصة إذا كان حـيًّـا ، فإنه يُخشى عليه مِن الفِتنة .
ثالثا : أنَّ مَبْنَى أحْوال النَّاس على السِّتر ، فلا يَعلَم باطِن الأمور إلاَّ الله تبارك وتعالى ، وليس للنَّاس إلاَّ ما ظَهَر لهم .
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إني لَم أُومَر أن أُنَقِّب قُلُوب الناس ، ولا أشُقّ بُطُونَهم . رواه البخاري ومسلم .
ولذلك كان السَّلَف يُنْكِرُون على من مَدَحهم أو زَكَّاهم .
قال أبو الوازع : قُلْتُ لابنِ عُمر : لا يزال الناس بِخَير مَا أبْقَاك الله لهم . فَغَضِب وقَال : إني لأحْسَبُك عِرَاقِيا ! ومَا يُدْرِيك مَا يُغْلِق عليه ابنُ أمِّك بَابَه ؟!
فالشَّاهد من هذا الْمَنْع من ذلك القول سَدًّا للذريعة ، ومنعا للتزكية ، وعملا بظواهر الأمور دون بواطنها .
ويُمكن أن يُقال : إن هذا مِن باب قوله عليه الصلاة والسلام : هل تُنْصَرُون وتُرْزَقُون إلاَّ بِضُعَفَائكُم . رواه البخاري .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|