عبد الرحمن السحيم

رحمه الله وغفر الله له


رقم العضوية : 5
الإنتساب : Feb 2010
الدولة : في دار الممر .. إذْ لا مقرّ !
المشاركات : 3,574
بمعدل : 0.64 يوميا

عبد الرحمن السحيم غير متواجد حالياً عرض البوم صور عبد الرحمن السحيم


  مشاركة رقم : 1  
كاتب الموضوع : طالبة علم المنتدى : قسـم السنـة النبويـة
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-06-2016 الساعة : 08:04 PM

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
آمين ، ولك بمثل ما دعوت .

اخْتُلِف في معني ذلك ، والسبب فيه .

قال الخطّابي : قوله : " كل عمل ابن آدم له " معناه : أن لِنَفسِه مِنه حظّا ، وفيه مَدْخلاً ، وذلك لاطِّلاع الناس عليه ، فهو يتعجّل بِمكانه ثوابا من الناس ، ويحوز حظًّا مِن الدنيا وجَاهًا وتعظيما ، ونحو ذلك من الأمور .
وقوله : " الصوم لي " ، أي : خالِص لي ، لا يَطّلع عليه أحد ، فيكون لنفس صاحبه منه حَظّ فيه .
وقد قيل معناه : أن الاستغناء عن الطعام صِفة لله تبارك وتعالى ، فإنه يُطعِم ولا يُطعَم ، كأنه قال : إن الصائم إنما يتقرّب إليّ بأمْر هو مُتعلِّق بِصفة مِن صِفاتي ، وهذا على معنى تشبيه الشيء في بعض معانيه ، وإن كان لا يجوز أن يكون لله شَريك في كُنْه صفاته ، كما لا شريك له في ذاته عز وجل . اهـ .

وقال ابن عبد البر : فإن قال قائل : وما معنى قوله : " الصوم لي وأنا أجزي به " وقد عُلِم أن الأعمال التي يُراد بها وَجه الله كلها له وهو يجزي بها ؟
فَمَعناه - والله أعلم - أن الصوم لا يَظهر مِن ابن آدم في قول ولا عمل ، وإنما هو نِيّة يَنطوي عليها صاحبها ولا يعلمها إلاّ الله ، وليست مما تَظهر فتَكتبها الحفظة كما تَكتب الذّكر والصلاة والصدقة وسائر الأعمال ؛ لأن الصوم في الشريعة ليس بالإمساك عن الطعام والشراب ، لأن كل ممسك عن الطعام والشراب إذا لم يَنوِ بذلك وَجه الله ولم يُرِد أداء فَرضه أو التطوع لله به فليس بِصائم في الشريعة ، فلهذا ما قلنا إنه لا تطلع عليه الْحَفَظَة ولا تَكتبه ولكن الله يَعلمه ويُجازي به على ما شاء مِن التضعيف
والصوم في لسان العرب أيضا الصبر : (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وقال أبو بكر بن الأنباري : الصوم يُسمّى صبرا لأنه حَبْس النفس عن المطاعِم والمشارِب والمناكِح والشهوات . اهـ .

وقال النووي : اخْتَلَف العلماء في معناه مع كون جميع الطاعات لله تعالى ؛ فقيل : سبب إضافته إلى الله تعالى أنه لم يُعبَد أحدٌ غير الله تعالى به ، فلم يُعظِّم الكفار في عَصر مِن الأعصار مَعبودا لهم بالصيام ، وإن كانوا يُعظمونه بِصورة الصلاة والسجود والصدقة والذِّكر وغير ذلك .
وقيل : لأن الصوم بَعيد من الرياء لِخَفائه ، بِخلاف الصلاة والحج والغزوة والصدقة وغيرها من العبادات الظاهرة ...
وقيل : معناه : أنا المنفَرِد بِعلْم مقدار ثوابه أو تضعيف حسناته ، وغيره مِن العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها .
وقيل : هي إضافة تشريف ، كقوله تعالى : (نَاقَةُ اللهِ) مع أن العالَم كله لله تعالى .
وفي هذا الحديث بيان عِظم فضل الصوم وحثّ إليه . اهـ .

وقال القرافي : الفرق العشرون بين قاعدة الصوم وقاعدة غيره من الأعمال الصالحة من حيث إن صاحب الشرع خَصص الصوم بإضافته إلى نفسه الموجبة لِتَشرِيفه على غيره ، كما في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " مع أن الصلاة أفضل منه كما عليه الفتاوى ، وحديث : " أفضل أعمالكم الصلاة " ، والأثر المشهور عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى عُمّاله : إن أهَمّ أموركم عندي الصلاة . فاحتيج إلى بيان الفارق الذي أوجب هذه الإضافة والتخصيص واضطراب الناس فيه ؛ فمِن قائل : إن الصوم لَمّا كان أمرا خَفِيا لا يُمكن أن يَطّلع عليه حقيقة إلاّ الله تعالى ، نَبّه على شرفه بخلاف الصلاة والجهاد وغيرهما . اهـ .

وقال الزرقاني : وللبيهقي والطبراني عن ابن عمر في حديث : " وأما العمل الذي لا يَعلم مقدار ثواب عامِله إلاّ الله فالصيام " . واتفقوا على أن المراد بالصائم هنا : مَن سَلِم صيامه مِن المعاصي قولا وفعلا . اهـ .

وقال ابن رجب رحمه الله : اعلم أن المؤمن يَجتمِع له في شهر رمضان جِهادَان لنفسه : جهاد بالنهار على الصيام ، وجهاد بالليل على القيام ؛ فمَن جَمَع بين هذَين الْجِهَادَين وَوَفَّى بِحقوقهما وصبر عليهما وُفِّي أجره بغير حساب . قال كعب : يُنادِي يوم القيامة مُنادٍ بأن كل حارث يُعطى بِحرثه ويُزاد غير أهل القرآن والصيام يُعطَون أجورهم بغير حساب . ويَشْفَعَان له أيضا عند الله عز وجل كما في المسند عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام والقيام يَشفعان للعبد يوم القيامة ؛ يقول الصيام : أيْ ربّ مَنَعته الطعام و الشراب بالنهار ، ويقول القرآن : مَنَعته النوم بالنهار فشفعني فيه ؛ فيشفعان " فالصيام يَشفع لمن مَنعه الطعام والشهوات الْمُحَرَّمة كلها ، سواء كان تحريمها يَختصّ بالصيام ؛ كَشَهوة الطعام والشراب والنكاح ومقدماتها ، أوْ لا يَختص ؛ كَشَهوة فضول الكلام الْمُحَرَّم والنظر الْمُحرَّم والسماع الْمُحرَّم والكسب الْمُحرَّم ؛ فإذا مَنَعه الصيام من هذه المحرمات كلها فإنه يَشفَع له عند الله يوم القيامة ويقول : يا رب مَنَعته شهواته فشفّعني فيه . فهذا لِمن حَفِظ صيامه وَمَنَعه مِن شَهَواته . اهـ .

وقد اجْتَمَع في الصوم ما لم يَجتمع في غيره ؛ مِن كونه سِرا بين العبد وبين ربّه .
ومِن حيث إنه لم يُتعبَّد به لغير الله عَزّ وَجَلّ .
ومما فيه مِن الصبر ، الذي لا يَعلَم قَدْر جزاء الصبر إلاّ الله .

ونحن نرى بعض الناس يُرائي في التصوير في صلاته وفي صدقته وفي حجّه وفي دعوته ، لكنه لا يستطيع أن يُرائي بتصوير صومه !!

وسبق الجواب عن :
هل صحيح أن الصيام هو العبادة التي لا يأخذ أجرها من ظلمته أو اغتبته ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=3219

والله تعالى أعلم .

إضافة رد

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ماحكم من يقول " أنا لستُ ملتزمًا ، وأنا عاصٍ " ؟؟ نسمات الفجر قسـم المحرمـات والمنهيات 0 05-02-2016 10:48 AM
ما صحة هذا الحديث"فقال : استعيذي بالله من هذا، فإنه الغاسق إذا وقب...."؟ ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 03-04-2010 09:59 PM
معنى الحديث : " ولينْزلن أقوام إلى جنب علم ..." ناصرة السنة قسـم السنـة النبويـة 0 21-03-2010 07:02 PM
شرح أحاديث "تركت فيكم عترتي أهل بيتي" و "لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي" راجية العفو قسـم السنـة النبويـة 0 02-03-2010 10:44 PM
تعقيب على موضوع " لن يفلح قوم ولوا امرهم امرأة " ناصرة السنة قسـم المحرمـات والمنهيات 0 22-02-2010 12:55 PM

أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


الساعة الآن 12:06 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef

يُشْترَطُ فِي حَالِ نَقْلِ الفَتَاوَى مِنْ مُنْتَدَياتِ الإرْشَادِ ذِكْرُ اِسْمِ فَضَيلةِ الشَيْخِ عَبْدِ الرَحمنِ السُحَيْمِ أَوْ ذِكْرُ اسْمِ المُنْتَدى