|
|
المنتدى :
قسم القـرآن وعلـومه
الأحاديث التي فيها أجور لأصحاب القرآن من لبس حلل الكرامة ووالديهم هل فقط لحفظ القرآن؟
بتاريخ : 25-10-2012 الساعة : 02:56 PM
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
إنني أسمع وأقرأ عن الأحاديث التي فيها أجور لأصحاب القرآن من لبس حلل الكرامة ووالديهم وأن القرآن شفيع لهم .
لكن السؤال هنا : هل هو أخذهم بالقرآن من تلاوة وتطبيق وعمل به ، أم هو بس للذين حفظوا القرآن وعملوا به ؟
علما أن جميع الآيات التي أقرأها في القرآن هي أمر من الله عز وجل بتلاوة القرآن وأثنى على من قرأ القرآن ولم أجد آية بها حفظ أو أمر بالحفظ
ما هو الأفضل أن أحفظ القرآن أم أتلو القرآن حتى أنال الشرف يوم القيامة بإذن الله
وبارك الله فيكم

الجواب :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك .
الْجَمْع بين هذه الأمور مطلوب لِمن استطاع ؛ فيحفظ القرآن ويُكثِر مِن تلاوته وتدبّره ، والأهمّ من ذلك هو الْعَمَل به .
ويدلّ على فضْل حِفظ القرآن : أن جبريل عليه الصلاة والسلام كان يُدارِس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، ويعرض عليه القرآن .
ويدلّ على فضْل حِفْظ القرآن : قوله عليه الصلاة والسلام : يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي ، وصححه الألباني والأرنؤوط .
قال الشيخ الألباني : واعلم أن المراد بقوله : صاحب القرآن : حافِظه عن ظهر قلب على حدّ قوله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله .. أي : أحْفَظهم ، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا . اهـ .
وفي الصحيحين مِن حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيٍّ : إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، قَالَ : وَسَمَّانِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَبَكَى .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ عَلَى أُبَيٍّ لِيَتَعَلَّمَ أُبَيٌّ مِنْهُ الْقِرَاءَةَ وَيَتَثَبَّتَ فِيهَا ، وَلِيَكُونَ عَرْضُ الْقُرْآنِ سُنَّةً ، وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضِيلَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَتَقَدُّمِهِ فِي حِفْظِ الْقُرْآنِ . نقله ابن حجر في " الفَتْح " .
وسأل النبي صلى الله عليه وسلم أبيَّ بن كعب رضي الله عنه فقال له : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِى أَيّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِى أَيّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : (اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) . قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ . رواه مسلم .
وكان يُشار إلى حَفَظة القرآن بالبنان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وزمن خُلفائه ، فقد كان يُشَاد بالقُرّاء .
وفي صحيح البخاري مِن حديث أنس رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَنَتَ شَهْرًا بَعْدَ الرُّكُوعِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ . قَالَ : بَعَثَ أَرْبَعِينَ أَوْ سَبْعِينَ - يَشُكُّ فِيهِ - مِنَ الْقُرَّاءِ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَعَرَضَ لَهُمْ هَؤُلَاءِ فَقَتَلُوهُمْ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ . فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ .
وكان ذَهَاب الْحَفَظة يُعتبَر ذَهابًا للقرآن .
ففي صحيح البخاري عن زَيْد بن ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْيَ – قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ : إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ ، وَإِنِّي لَأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ .. الحديث .
وإذا ذُكِر الرجل مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو مِن أهل العِلْم ممن بعدهم فأوّل ما يُذكر مِن فضائله : حِفْظ القرآن .
ويدلّ على فَضْل حِفْظ القرآن : أن الأحفظ كان يُقدَّم في إمامة الناس .
قال عليه الصلاة والسلام : يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ . رواه البخاري ومسلم .
وقُدِّم الصبي لأنه الأحفظ للقرآن .
قال عمرو بن سلمة رضي الله عنه وهو يُحدّث بخبر قدوم قومه على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال لهم : صَلُّوا صلاة كذا في حين كذا ، وصَلُّوا صلاة كذا في حين كذا ، فإذا حضرت الصلاة فليؤذّن أحدكم ، وليؤمكم أكثركم قرآنا ، فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مِنِّي لِمَا كُنت أتلقى من الركبان ، فَقَدَّمُوني بين أيديهم ، وأنا بن ست أو سبع سنين . رواه البخاري .
قال الأثرم : قلت لأحمد بن حنبل : رَجُلان أحدهما أفضل من صاحبه ، والآخر أقرأ منه ؟
فقال حديث أبي مسعود : " يؤم القوم أقرؤهم " . ثم قال : ألا ترى أن سَالِمًا مَولى أبي حذيفة كان مع خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عُمر وأبو سلمة بن عبد الأسد ، فكان يَؤمّهم لأنه جمع القرآن ؟
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|