|
|
المنتدى :
قسـم الفتـاوى العامـة
ما الرد على مَن ينكر الرقية الشرعية ويسميها (تجارة الوهم) ؟
بتاريخ : 04-06-2016 الساعة : 08:11 PM
ما رأيك بِما يُقال عن تجارة الوَهم ، ويقصدون به الرقية الشرعية ، وأن الصحابة لم يكن بعضهم يرقي بعضا ؟

الجواب :
هذا غير صحيح ، واتِّخاذ بعض الرُّقاة الرُّقية الشرعية مُجالاًّ للتكسّب المبالَغ فيه ، وما يَحصل منهم مِن تجاوزات وأخطاء ، لا يُسوِّغ إنكار ما جاءت به الشريعة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يَرقي أهله وأصحابه ، وكان يَرقيه جبريل عليه الصلاة والسلام .
قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم خَيبر : لأُعْطِيّنّ الرّاية رَجلا يَفتح الله على يديه ، فقاموا يَرجون لذلك ، أيهم يُعْطى ، فغَدَوا وكُلّهم يَرْجو أن يُعْطى ، فقال : أين عليّ ؟ فقيل : يَشتكي عَينيه ، فأمَر فَدُعِي له ، فَبَصَق في عَينيه فَبَرأ مكانه حتى كأنه لم يَكن به شيء . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها : كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رَقَاه جبريل قال : بِاسْمِ الله يُبْرِيك ، ومِن كل داء يَشفيك ، ومِن شرّ حاسد إذا حسد ، وشرّ كُل ذِي عَين . رواه مسلم .
وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد اشْتَكَيْت ؟ فقال : نعم . قال : باسم الله أُرْقِيك مِن كل شيء يُؤذِيك ، مِن شَرّ كُل نَفْس أو عينِ حاسِدٍ الله يَشفيك ، باسم الله أُرْقِيك . رواه مسلم .
وفي حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى نَفَث على نفسه بالمعوذات ، ومَسَح عنه بِيدِه ، فلما اشتكى وَجَعه الذي توفِّي فيه طَفِقْتُ أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان يَنْفث ، وأمْسَح بِيدِ النبي صلى الله عليه وسلم عنه . رواه البخاري ومسلم .
وقد رَقى النبي صلى الله عليه وسلم المصروع ، فبرأ .
والصحابة رَقَى بعضهم بعضا ، ورَقَوا المريض والْمَلْدُوغ ، وأقرّهم النبي صلى الله عليه وسلم .
ففي الصحيحين مِن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناسًا مِن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سَفر فمرّوا بِحَيّ مِن أحياء العرب فاستضافوهم فلم يُضيّفوهم ، فقالوا لهم : هل فيكم راقٍ ، فإن سيد الحي لَدِيغ أو مُصاب ، فقال رجل منهم : نعم ، فأتاه فَرَقَاه بِفَاتِحة الكتاب ، فَبَرَأ الرجل ، فأُعطيَ قطيعا مِن غنم ، فأبى أن يَقبلها ، وقال : حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فَذَكر ذلك له ، فقال : يا رسول الله ! والله ما رَقيت إلاّ بفاتحة الكتاب ، فتبسم وقال : وما أدراك أنها رُقية ؟ ثم قال : خذوا منهم واضربوا لي بسهم معكم .
ولَمّا دَخَل ثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ ثَابِت لأنس رضي الله عنه : يَا أَبَا حَمْزَةَ اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ : أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : بَلَى . قَالَ : اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ مُذْهِبَ الْبَاسِ اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي ، لا شَافِيَ إِلاَّ أَنْتَ ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا . رواه البخاري ومسلم .
وعَن خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ فَأَتَوْهُ، فَقَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ ، فَأَتَوْهُ بِرَجُلٍ مَعْتُوهٍ فِي الْقُيُودِ ، فَرَقَاهُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً ، وَكُلَّمَا خَتَمَهَا جَمَعَ بُزَاقَهُ ثُمَّ تَفَلَ ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ فَأَعْطُوهُ شَيْئًا فَأَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ لَهُ ، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم : كُلْ ، فَلَعَمْرِى لَمَنْ أَكَلَ بِرُقْيَةٍ بَاطِلٍ لَقَدْ أَكَلْتَ بِرُقْيَةٍ حَقٍّ . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وصححه الألباني .
ولا شكّ أن رُقية الإنسان نفسه بِنفسِه أفضل وأنفع .
ففي صحيح مسلم مِن حديث عُثْمَان بن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلاَثًا ، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ .
وسبق الجواب عن :
هل يصِح أن يقرأ الإنسان وِرده اليومي وينوي به رُقية لأحد المرضى في بلدٍ آخَر ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=17667
هل يَتَلَبّس الجان بالإنسان أو يسيطر على شخصيته ؟
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=8886
كيف نعالج المريض بالقرآن والرقية الشرعية
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=50
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|