| 
	 | 
 
 
					 
 
			
			
			
			
  
 
 | 
	
	
		
		
		
المنتدى : 
قسـم الفتـاوى العامـة
 
ما حكم كتابة شعر وخواطر المدح بغرض الكسب المادي؟ 
			
			 
			
				بتاريخ : 09-01-2017 الساعة : 01:22 AM
			
			
			
		
		
 
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته  
أسعدك الله شيخنا الكريم في الدنيا والآخرة ورزقك جنات النعيم ورؤية وجهه الكريم  
سؤالي هو : ما حكم كتابة الشعر والخواطر التي فيها مدح لشخصيات كبيرة مثل التجار وأصحاب المناصب العليا لهدف الكسب المادي ، والمدح يكون على شيء أنجزه فيستحق الشكر عليه ومدحه 
ما حكم ذلك ؟ 
علماً أن المدح يكون معقولا وليس مبالغاً فيه ، وليس تجاوزاً لقدرة الله سبحانه وتعالى 
وهل يعتبر ذلك من النفاق؟ 
وبارك الله فيك وحفظك الله 
  
 
الجواب : 
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 
آمين ، ولك بمثل ما دعوت . 
 
أصحاب هذا المسلك يستحقون أن يُحثَى التراب في وجوههم .  
فقد أنكر السلف المديح في الوجه ، وإن كان الممدوح أهلاً لذلك .  
فقد روى الإمام مسلم من طريق همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان رضي الله عنه ، فَعَمِد المقداد فَجَثَا على ركبتيه ، وكان رجلا ضخما ، فجعل يحثو في وجهه الحصباء ! فقال له عثمان : ما شأنك ؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: إذا رأيتم المدَّاحِين فاحْثُوا في وجوههم التراب . 
 
ومن هو عثمان رضي الله عنه في فضله وعِلمه ومكانته وحيائه ؟ 
قَالَ ابن ألأثير فِي " النِّهَايَةِ " : وَأَرَادَ بِالْمَدَّاحِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَدْحَ النَّاسِ عَادَةً ، وَجَعَلُوهُ بِضَاعَةً يَسْتَأْكِلُونَ بِهِ الْمَمْدُوحَ . اهـ .  
 
ولا يجوز أن يُتَّخَذ المديح وسيلة للتكسُّب ؛ لِعدة أسباب : 
 
الأول : لِمَا فيه مِن التغرير بالممدوح ، وهو الذي اعتبره النبي صلى الله عليه وسلم قَطْعا لِعنق الممدوح .  
ففي الصحيحين من حديث أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَال : مَدَحَ رَجُلٌ رَجُلاً عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ ، مِرَارًا ، إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا صَاحِبَهُ لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ : أَحْسِبُ فُلانًا وَاللَّهُ حَسِيبُهُ ، وَلا أُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا ، أَحْسِبُهُ إِنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَاكَ كَذَا وَكَذَا . 
 
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الْمَدْح هو الذَّبْح . 
 
وقد عاقَب عمر رضي الله عنه الذي مَدَحه في وَجْهه .  
روى الإمام مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ: اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ، فَرَأَى عُمَرُ أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ، فَقَضَى لَهُ . فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ . فَضَرَبَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : وَمَا يُدْرِيكَ؟ فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: إِنَّا نَجِدُ أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ، إِلاَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ، وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ، يُسَدِّدَانِهِ وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ .  
قال ابن عبد البر : إِنَّمَا ضَرَبَ عُمَرُ الْيَهُودِيَّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لأَنَّهُ كَرِهَ مَدْحَهُ وَتَزْكِيَتَهُ لِحُكْمِهِ فِي وَجْهِهِ . اهـ .  
 
وَجَرَى على هذا عمل السلف :  
قال أبو الوازع قلت لابن عمر : لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، فغضب وقال : إني لأحْسَبك عراقيا ! وما يدريك ما يُغْلِق عليه ابن أمك بابه ؟! 
وقال أبو المليح : قال رجل لِمَيْمُون بن مِهران : يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم . قال : أقبل على شأنك ! ما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم . 
وقِيلَ للإمام أحمد : جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ الإِسْلامِ خَيْرًا . فَقَالَ: قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ الإِسْلامِ خَيْرًا، فَقَالَ: لا ، بَلْ جَزَى اللَّهُ الإِسْلامَ عَنِّي خَيْرًا. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِلرَّجُلِ أَنَا ؟ وَمَنْ أَنَا وَمَا أَنَا؟ وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ لِلرَّجُلِ : أَنْتَ فِي غَيْرِ حِلٍّ مِنْ جُلُوسِكَ . 
 
الثاني : أنه ما مِن إنسان يُمْدَح إلاّ وَفِيه ما يُذمّ في الغالب ، عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم والكُمَّل مِن أهل الفضل والعَدل .  
فمتى ما أُكثِر مَدْح الرجل في وجهه أفسده ذلك ، ونسي إصلاح عيوبه ، وظنّ أنه بلغ درجة الكمال .  
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قُلْت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: لا يَزَالُ الرَّجُلُ يُقَالُ لَهُ فِي وَجْهِهِ: أَحْيَيْت السُّنَّةَ . قَالَ : هَذَا فَسَادٌ لِقَلْبِ الرَّجُلِ . 
 
الثالث : أن المادِح يُذلّ نفسه مِن أجل المدح ، ويحمله المدح على قول الزور ، وإن بدا له أنه في البداية لن يقول إلاّ الحق .  
ولهذا غَلب على شِعْر شعراء المدح الإسراف في المدح ، والْحُكم للغالب .  
قال الله عزّ وَجَلّ : (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) ثم استثنى القِلّة ، فقال : (إِلاَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) .  
ولا يجوز أن يُذلّ الإنسان نفسه .  
 
الرابع : أن الممدوح قد يبذل مالاً أو عطية جزلة في حال نشوة المدح . فلا يجوز للمادِح أخذه ؛ لأنه لا يَحِلّ مال امرئ مُسلم إلاّ بِطيب نفسٍ منه .  
قال ابن القيم رحمه الله : من دقيق الورع أن لا يُقْبَل المبذول حال هيجان الطبع مِن حُزن أو سرور ، فذلك كَبَذْل السكران ! ومعلوم أن الرأي لا يتحقق إلاَّ مع اعتدال المزاج ، ومتى بَذَل باذِل في تلك الحال يَعقبه نَدَم . اهـ .  
 
وعلى المسلم أن يَستعفّ ويستغني عمّا في أيدي الناس ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : من يستعفف يعفه الله ، ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ، وما أُعطي أحد عطاء خيرا وأوسع مِن الصبر . رواه البخاري ومسلم . 
 
ونَهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُتبِع المسلم نفسَه أموال الناس ويتعرَّض لها .  
فقد روى البخاري ومسلم مِن حديث عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعطيني العطاء ، فأقول : أعطه أفقر إليه مِنِّي ، حتى أعطاني مرة مالاً ، فقلت : أعطِه أفقر إليه مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خُذْه ، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشرف ولا سائل فَخُذْه ، وما لا ، فلا تُتْبِعْه نفسك .  
 
وسُئل أبو ذر رضي الله عنه : ما تقول في هذا العطاء ؟ قال : خُذْه ، فإن فيه اليوم معونة ، فإذا كان ثمناً لِدِينِك فَدَعْه . رواه مسلم . 
 
والاستعفاف عمّا في أيدي الناس مِن الجود  
قال ابن القيم في مراتب الجود :  
المرتبة العاشرة: الجود بِتَرْكِه ما في أيدي الناس ، فلا يلتفت إليه . ولا يستشرف له بِقَلْبِه ، ولا يتعرض له بِحَالِه ولا لسانه . وهذا الذي قال عبد الله بن المبارك : إنه أفضل مِن سخاء النفس بالبذل . 
فلسان حال القَدَر يقول للفقير الجواد : وإن لم أُعطك ما تجود به على الناس، فَجُد عليهم بِزُهْدِك في أموالهم وما في أيديهم ، تفضل عليهم، وتزاحمهم في الجود، وتنفرد عنهم بالراحة . اهـ .  
 
ومِن عَجَب أن المخلوق يتعرّض لِمَدْح مخلوق مثله ، وقد يكذب في مدحه إياه ، فيَكون مَدَحه بالباطل ، وقد يَجود عليه الممدوح وقد لا يَجود عليه .  
ويترك مَدْح مَن مَدْحه فَخْر وشَرَف ، وكلّه حقّ ، وهو الجواد الكريم الذي لا يَردّ مَن سأله ، وهو الله عزّ وَجَلّ .  
ثم مَدْح أكمل البشر ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم .  
 
وسبق : 
الحميد 
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=6714 
 
وسبق : 
متى نحثو التراب ؟ 
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?t=4488 
 
والله تعالى أعلم . 
 
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم 
  
 
		
 |  | 
		
		
		
                
		
		
	
	
 | 
 
 
 | 
		
 |   
 |