|
|
المنتدى :
قسـم العقـيدة والـتوحيد
ما الدليل على أن المستحِلّ للمعصية كافر ؟
بتاريخ : 16-02-2010 الساعة : 09:31 PM
ما الدليل على أن المستحل للمعصية كافر ؟

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا .
ليس المستحِلّ للمعصية ، بل كل من أنكر معلوما من الدِّين بالضرورة فهو كافر .
فالذي يستحلّ المعصية يُحَلِّل ما حرَّم الله ، وعكسه : من يُحرِّم ما أباح الله .
فالله تبارك وتعالى هو الذي يُحلِّل ويُحرِّم ، وسواء كان ذلك في كتابه او على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم .
فإذا ما جاء أحَد ونازَع الله في ذلك ، فقد نازعه في التشريع ، وقد قال الله تبارك وتعالى على سبيل الإنكار : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) ؟
وقال عزّ وجلّ : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْق فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) .
وقال جلّ جلاله عن النصارى : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) .
وعَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِم رضي الله عنه قَال : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَب ، فَقَالَ : يَا عَدِيُّ اطْرَحْ عَنْكَ هَذَا الْوَثَنَ . قال : وَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فِي سُورَةِ بَرَاءَةٌ : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ)
قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شَيْئًا اسْتَحَلُّوهُ ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شَيْئًا حَرَّمُوهُ . رواه الترمذي . وحسّنه الألباني .
وحَكَم تبارك وتعالى بِكُفْر من نازَعه جلّ جلاله في التحريم والتحليل ، فقال تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) .
قال ابن جرير في تفسيره : معناه: إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا ، زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته .
وقال ابن كثير : هذا مما ذم الله تعالى به المشركين مِن تَصَرّفهم في شرع الله بآرائهم الفاسدة ، وتغييرهم أحكام الله بأهوائهم الباردة ، وتحليلهم ما حرم الله ، وتحريمهم ما أحَلّ الله .
كما أن ذلك مِن أفعال الشياطين !
قال الله تعالى في الحديث القدسي : وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم ، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم ، وحَرَّمَتْ عليهم ما أحْللتُ لهم ، وأمَرَتْهم أن يُشْرِكوا بي ما لم أنزِّل به سلطانا . رواه مسلم .
فمن استحلّ معصية ، فقد أحَلّ ما حرّم الله .
وفرق بين أن يرتكب الإنسان المعصية ، ويعترف أنها معصية ، وأنه مُقصِّر ، وبين أن يرتكب المعصية ويُسوِّغ لنفسه تحليل ما ارتكب !
والله أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|