|
|
المنتدى :
قسـم العقـيدة والـتوحيد
استفسار عن أحكام المرتد ومَن يسب الدين ، وهل يُفسخ عقد نكاحه ؟
بتاريخ : 18-02-2010 الساعة : 06:26 AM
السلام عليكم ورحمة الله
المرتد يستتاب لمدة ثلاثة أيام كما هو مذكور بكتب الفقه لكن لو رجع عن كفره خلال الأيام الثلاثة فما حكمه أثناء هذه الأيام ؟؟
وما موقف زوجته هل العقد يكون مفسوخ وتحتاج لعقد جديد أم لا ؟؟
الذى يسب دين الاسلام ؟ ثم تاب ما موقف زوجته منه لو تاب خلال ثلاثة أيام ؟؟؟ او بعد الأيام الثلاثة
جزاكم الله خيرا بارك الله فيكم رجاء ذكر المراجع والمصادر والدليل

الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وجزاك الله خيرا
إذا رَجَع المرتدّ خلال ثلاثة أيام ، فإنه يُقبَل منه رجوعه ، ولا يُقتَل - عند بعض العلماء -إلاّ أن يكون تكررت رِدّته ، أو يكون ممن عَظُم خَطره ، وقد يَرى الحاكم أن قتله درءا للفساد والشرّ .
وقد قَبِل النبي صلى الله عليه وسلم توبة المرتد ، كما في قصة عبد الله بن سعد بن أبي سرح .
قال ابن القيم في فوائد غزوة الفتح : وفيها من الفقه جواز قتل المرتد الذي تَغَلَّظَت رِدّته من غير استتابة ، فإن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان قد أسلم وهاجر ، وكان يكتب الوحي لرسول الله ثم ارتد ولحق بمكة ، فلما كان يوم الفتح أتى به عثمان بن عفان رسول الله ليبايعه فأمسك عنه طويلا ثم بايعه ، وقال : إنما أمسكت عنه ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه ، فقال له رجل : هَلاَّ أوْمَأت إليّ يا رسول الله ؟ فقال : ما ينبغي لِنَبِيّ أن تكون له خائنة الأعين . فهذا كان قد تغلظ كُفْره بِرِدّته بعد إيمانه وهجرته وكتابه الوحي ثم ارتد ولحق المشركين ، يطعن على الإسلام ويعيبه ، وكان رسول الله يريد قتله ، فلما جاء به عثمان بن عفان - وكان أخاه من الرضاعة - لم يأمر النبي بقتله حياء من عثمان ، ولم يبايعه ليقوم إليه بعض أصحابه فيقتله ، فهابوا رسول الله أن يُقْدِموا على قتله بغير إذنه ، واستحيا رسول الله من عثمان ، وساعد القدر السابق لِمَا يُريد الله سبحانه بِعَبْدِ الله مما ظهر منه بعد ذلك من الفتوح ، فبايعه . اهـ .
وجُمهور أهل العلم على أن المرتَدّ إذا لم يرجع ويُراجِع دِينه أنه يُقْتَل .
واستدَلُّوا بأدلة منها :
قوله عليه الصلاة والسلام : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارِق لِدِينه التارك للجماعة . رواه البخاري ومسلم .
وقوله عليه الصلاة والسلام : مَن بَدَّل دِينه فاقتلوه . رواه البخاري
وفي الحديث قصّة ، وهي أن عليًّا رضي الله عنه حرَّق قوما بالنار ، فبلغ ابن عباس فقال : لو كنت أنا لم أحرِّقهم ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تُعَذِّبُوا بِعَذاب الله . ولَقَتَلْتُهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : مَن بَدَّل دِينه فاقتلوه .
فابن عباس رضي الله عنهما لم يُنكِر قَتْل الْمُرتَدّ ، وإنما أنكر تحريقه .
وهذا إجماع من الصحابة رضي الله عنهم ، فقد قاتَل أبو بكر المرتدِّين ، ووافقه على ذلك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم و رضي الله عنهم .
وأما استتابته ثلاثة أيام فقد جاء عن عمر رضي الله عنه .
روى الإمام مَالِك عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْد الْقَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ ، فَسَأَلَهُ عَنْ النَّاسِ فَأَخْبَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ عُمَرُ : هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَر ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلامِهِ . قَالَ : فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ ؟ قَالَ : قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ ! فَقَالَ عُمَرُ : أَفَلا حَبَسْتُمُوهُ ثَلاثًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْم رَغِيفًا ، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ وَيُرَاجِعُ أَمْرَ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي .
قال ابن قدامة : لا يقتل حتى يستتاب ثلاثا ؛ هذا قول أكثر أهل العلم منهم عمر وعلي وعطاء والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي ، وهو أحد قولي الشافعي .
وأما ما كان منه خلال الرِّدّة مِن أعمال فإنها لا تُقبَل منه ، واختَلف العلماء : هل يُعيد ما كان منه قبل الرِّدَّة مِن صلاة وحجّ ؟
قال ابن قدامة في المقنع : ولا يبطل إحصان المسلم بِرِدّته ، ولا عباداته التي فعلها في إسلامه إذا عاد إلى الإسلام .
قال المرداوي في الإنصاف : قَوْلُهُ : " وَلا عِبَادَاتُهُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي إسْلَامِهِ " يَعْنِي : لا تَبْطُلُ إذَا عَادَ إلَى الإِسْلامِ .
الْعِبَادَاتُ الَّتِي فَعَلَهَا قَبْلَ رِدَّتِهِ ، لا تَخْلُو : إمَّا أَنْ تَكُونَ حَجًّا ، أَوْ صَلاةً فِي وَقْتِهَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ .
فَإِنْ كَانَتْ حَجًّا ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ : أَنَّهُ لا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ ، بَلْ يُجْزِئُ الْحَجَّ الَّذِي فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ .
قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ : هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَقَدَّمَهُ الإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا .
وَعَنْهُ : يَلْزَمُهُ ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيل فِي الْفُصُولِ فِي " كِتَابِ الْحَجِّ " ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الإِفَادَاتِ لابْنِ حَمْدَانَ . وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوس فِي تَذْكِرَتِهِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْحَجِّ . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى . اهـ .
كما اختلفوا : هل يُعيد ما ترك من العبادات أثناء رِدَّتِه ؟
قال ابن قدامة : وَإِذَا أَسْلَمَ ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا تَرَكَ مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي رِدَّتِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : فأما المرتد فلا يجب عليه قضاء ما تركه في الرِّدَّة مِن صلاة وزكاة وصيام في المشهور ( يعني من المذهب ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : وجمهور العلماء على أن المرتد لا تَبِين منه زوجته إلاَّ إذا انقضت عِدّتها ولم يَرجع إلى الإسلام . والله أعلم .
وأما من سبّ الله أو سبّ رسوله صلى الله عليه وسلم ، أو مَن أنكر معلوما من الدِّين بالضرورة ، فقد اختلف أهل العلم في قبول توبته .
قال ابن قدامة في المقنع : وهل تُقبل توبة الزنديق ومن تكررت رِدّته ، أو مَن سب الله تعالى ، أو رسوله ، أو الساحر؟ على روايتين : إحداهما : لا تُقْبَل توبته ، ويُقْتَل بكل حال ، والأخرى : تُقْبَل توبته ، كغيره . اهـ .
وقال ابن حجر : وَيُسْتَفَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى : ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاَللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ) صِحَّة تَوْبَة الزِّنْدِيق وَقَبُولهَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور . اهـ .
وحول مسألة سبّ الدِّين أو سبّ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتوبة فاعل ذلك يُراجَع كِتاب " الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم " لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
|
|
|
|