|
|
المنتدى :
قسـم السنـة النبويـة
التمثيل للحديث المضطرب بأحاديث في الصحيحين
بتاريخ : 15-03-2010 الساعة : 07:36 PM
سؤال في مصطلح الحديث.
وجدت في كثير من كتب الحديث أمثلة للحديث المضطرب من البخاري ومسلم . فكيف يستقيم هذا الأمر علما بأن المضطرب من بين شر أنواع الضعيف كما بين ذلك ابن حجر رحمه الله تعالى.
الرجاء الإجابة بسرعة عن هذا السؤال لأن كثيرا من الإخوة عندنا هنا في المسجد ينتظرون الجواب. جزاكم الله خيرا
الجمعية الثقافية الإسلامية بمدينة ماينـز بألمانيا

الـجـواب :
أولاً : الاضطراب ليس من شرّ أنواع الضعيف ؛ لأن الاضطراب قد يترجّح فيه أحد الوجهين ، وقد يُمكن توجيه الاضطراب فلا يكون حينئذ شرّ أنواع الضعيف .
قال القاسمي في قواعد التحديث :
المضطرب : وهو الذي يروي على أوجه مختلفة متقاربة ، والاختلاف إما من راو واحد ، بأن رواه مرة على وجه ومرة على وجه آخر مخالف له ، أو أزيد من واحد بأن رواه كل من جماعة على وجه مخالف للآخر ، والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعار بعدم الضبط من رواته الذي هو شرط في الصحة والحسن ، ويقع الاضطراب في الإسناد وفي المتن ، وفي كليهما معاً ، ثم إن رجحت إحدى الروايتين أو الروايات بِحِفظ راويها ، أو كثرة صحبته المروي عنه ، أو غير ذلك من وجوه الترجيحات ، فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطرباً .
ثانياً : قد تُضعّف رواية في الصحيحين ، ويكون الحديث صحيح وثابت بلا ريب ، ولكن الكلام على لفظ من ألفاظ الحديث أو رواية من رواياته ، ويبقى أصل الحديث صحيح ثابت .
كحديث الكسوف مثلا..فأحاديث الكسوف ثابتة في الصحيحين ، وجاء في رواية لمسلم : يركع ركعتين في ثلاث ركعات ، وفي رواية له : صلى ست ركعات . ووردت صفات أخرى بأربع ركوعات وبخمس وست ركوعات .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : والصواب أنه لم يصل إلا بركوعين ، وأنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم ، وقد بين ذلك الشافعي وهو قول البخاري وأحمد ابن حنبل في إحدى الروايتين عنه ، والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنه صلاها يوم مات إبراهيم ، ومعلوم أنه لم يمت في يومي كسوف ، ولا كان له إبراهيمان ! انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
وقد وردت الزيادة في ذلك من طرق أخرى فعند مسلم من وجه آخر عن عائشة وآخر عن جابر أن في كل ركعة ثلاث ركوعات ، وعنده من وجه آخر عن ابن عباس أن في كل ركعة أربع ركوعات ، ولأبي داود من حديث أبي بن كعب ، والبزار من حديث عليّ أن في كل ركعة خمس ركوعات ، ولا يخلو إسناد منها عن علة ، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر ونقل صاحب الهدي عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم كانوا يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة ، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ، ويجمعها أن ذلك كان يوم مات إبراهيم عليه السلام وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح . اهـ .
قال الإمام السيوطي :
وقع في كلام شيخ الإسلام [ يعني ابن حجر ] أن الاضطراب قد يجامع الصحة ، وذلك بأن يقع الاختلاف في اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونحو ذلك ويكون ثقة فيحكم للحديث بالصحة ولا يضر الاختلاف فيما ذكر مع تسميته مضطربا ، وفي الصحيحين أحاديث كثيرة بهذه المثابة ، وكذا جزم الزركشي بذلك في مختصره ، فقال : قد يدخل القَلْب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن . اهـ .
أي قد يجتمع الاضطراب مع الصحة ، ولا يخدش صحة أحاديث الصحيحين أن يقع الاضطراب في بعض الروايات ، فإن البخاري ومسلم قد يسوقان بعض الروايات ولا تكون على شرطهما ، وقد يكونا ساقاها لبيان المخالفة فيها ، أو لبيان أنها منسوخة إلى غير ذلك .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|