|
|
المنتدى :
قسـم البـدع والمـحدثـات
هل مِن الغلو الجلوس قُرب رجل يُظنّ فيه الصلاح فيدعو والناس تردد خلفه ؟
بتاريخ : 06-09-2012 الساعة : 01:50 AM
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خير أرجوا إيضاح الحكم فيما صدر مني ومن والدي
في يوم عرفة قبل قرابة سنتين , كان مع مجموعتنا التي حججنا معها , رجل كبير في السن صالح نحسبه كذلك والله حسيبه , هذا الرجل قام بالدعاء بصوت جهوري وحوله جميع أفراد المجموعة من النساء والرجال طبعاً مفترقين الرجال والنساء عن بعض , نادى علي والدي دون بقية أفراد أسرتي وأخذني إلى جانبه وتعمد أن نجلس مباشرةً خلف هذا الرجل , وهو يدعوا ونحن نؤمن نهار يوم عرفة
هل هذه صورة من صور الغلو في الصالحين أن نحاول أن نجلس بقربهم في مثل ذلك المشهد ؟ كنت في ذلك الحين جاهلة بمعنى الكلمة بأبسط الأمور عن العقيدة مع أني جامعية و لا أنكر أي تصرف يكون خاطئ مثل الدعاء الجماعي والمغالاة في محبة الصالحين .
فهل سيحاسبني الله تعالى عن مثل تلك الأمور ؟

الجواب :
وجزاك الله خيرا .
لا يُحاسَب الإنسان على ما فعله عن جَهْل ، لقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) ، ولقوله عليه الصلاة والسلام : إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان ، وما استكرهوا عليه . رواه ابن حبان والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين .
وهذا مِن الغلو ومِن الجهل ؛ لأنه لا أحد يُزكِّي أحدا ، ولا يعْلَم عن صلاحه .
ولأنه لا يُشْرَع رَفْع الدعاء بالصوت حال الدعاء ، فقد قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : يا أيّها الناسُ ، ارْبَعوا على أنفُسكم ، فإنكم لا تَدْعونَ أصمَّ ولا غائبا ، إنهُ معكم إنهُ سميعُ قَريب ، تَبارَكَ اسمهُ ، وتَعالى جَدُّه . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم قال : والذي تدعونه أقرب إلى أحدكم مِن عُنُق راحلة أحدكم .
قال النووي : فيه الندب إلى خفض الصوت بالذِّكْر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه ، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمه ، فإن دعت حاجة إلى الرَّفْعِ رَفَع . اهـ .
وقال ابن حجر : اربعوا : أي ارفقوا ، ولا تُجهدوا أنفسكم . قال الطبري : فيه كراهة رفع الصوت بالدعـاء والذكـر ، وبه قال عامـة السلف من الصحابـة والتابعين . اهـ .
وكان السلف يَكرهون أن يُسْمِع الرجل جليسه شيئا من الدعـاء .
روى ابن أبي شيبة أن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أيها الناس إنكم لا تَدعُون أصما ولا غائبا . يعني في رفع الصوت بالدعاء .
وروى أيضا عن مجاهد أنه سمع رجلا يرفع صوته بالدعاء فَرَمَاه بالحصى .
وروى أيضا عن الحسن قال : كانوا يجتهدون في الدعاء ، ولا يُسْمَع إلاَّ هَمْسا .
وعن عبد الله بن نسيب قال : صليت إلى جنب سعيد بن المسيب المغرب ، فلما جلست في الركعة الآخرة رفعت صوتي بالدعاء فانتهرني ، فلمـا انصرفت قلت لـه : ما كَرِهْت مِنِّي ؟ قال : ظننتَ أن الله ليس بقريب منا ؟
قال ابن مفلح : يُكره رفـع الصوت بالدعـاء مطلقـا . قال المروذي : سمعت أبا عبد الله [ الإمام أحمد ] يقول : ينبغي أن يُسرَّ دعائه لقوله تعالى : ( وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ) .
قال في " الْمُسْتَوعِب " : يُكره رفع الصوت بالدعاء ، وينبغي أن يُخفي ذلك لأن الله تعالى قال : ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) فَأَمَـرَ بذلك .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : والسُّـنّة في الدّعاء كلِّه المخافـتة ، إلا أن يكون هناك سبب يُشرع له الجهر .
قال الكمال ابن الهمام : ما تعارَفه الناس في هذه الأزمان من التمطيط والمبالغـة في الصياح والاشتغال بتحريرات النغم إظهارا للصناعة النغمية لا إقامة للعبودية ، فإنه لا يقتضي الإجابة بل هو من مقتضيات الردّ ، وهذا معلوم إن كان قصده إعجاب الناس به فكأنه قال : أعجبوا من حسن صوتي وتحريري ! ولا أرى أن تحرير النغم في الدعاء - كما يفعله القُرَّاء في هذا الزمان - يَصدر ممن يَفهم معنى الدعاء والسؤال ، وما ذاك إلاَّ نوع لَعِب ! فإنه لو قُدِّر في الشاهد سائل حاجة مِن مَلِك أدّى سؤاله وطلبه بتحرير النغم فيه مِن الخفض والرفع والتطريب والترجيع كالتغنّي نُسِب البتة إلى قصد السخرية واللعب ، إذ َمقـام طلب الحاجـة التضرع لا التّـغني ، فاستبان أن ذاك مـن مقتضيات الخيبة والحرمان . اهـ .
وهنا :
ما حُكم رفع الصوت بالذِّكر بعد الصلاة المفروضة
http://al-ershaad.net/vb4/showthread.php?p=16776
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض
|
التعديل الأخير تم بواسطة نبض الدعوة ; 09-10-2012 الساعة 09:14 PM.
|
|
|
|
|