|
|
المنتدى :
قسـم الفقه العـام
ما حُكم رَضاع الكبير ؟
بتاريخ : 14-02-2010 الساعة : 05:34 AM
فضيلة الشيخ عبد الرحمن
ظهرت فتوى في مصر تجيز رضاع البنت الكبيرة لزميلها بالعمل ليصبح ابنها من الرضاعة ويصبح محلل عليها
فما هو رأي الشرع بذلك ؟؟

الجواب:
أعانك الله .
أكثر الصحابة وأكثر أمهات المؤمنين وجماهير أهل العِلْم من بعدهم على أن الرَّضَاع الْمُحَرِّم ما كان في الْحَوْلَين ، أي : خلال السنتين الأوليين .
وحَمَلوا حديث سهلة بنت سُهيل – زوجة أبي حذيفة – في رضاع سالم – مولى أبي حذيفة – على الخصوصية ، أو على النَّسْخ .
وذهب بعض أهل العِلْم إلى أن رَضَاع الكبير يُحَرِّم ، وتحصل به الْمُحْرَمِيَّة ، وقَيَّدُوا هذا بِقيود ، منها :
أن تقوم الحاجة الماسة لِمن ابتُلِي بمثل حال سالم مع أبي حذيفة . فلا يكون عامًّا لكل أحد .
وأن لا يكون الرضاع مُباشِرا ، لأن المرأة قبل الرضاع أجنبية عن الْمُرتَضِع .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعد أن ذكر قول أم سلمة لعائشة : إنه يدخل عليك الغلام الأيفع . قال :
وهذا الحديث أخَذَت به عائشة وأَبَـى غيرها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ به ، مع أن عائشة رَوَتْ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : الرَّضاعة مِن الْمَجَاعة ، لكنها رأت الفرق بين أن يقصد رضاعة أو تغذية ، فمتى كان المقصود الثاني لم يُحَرِّم إلاَّ ما كان قبل الفطام ، وهذا هو إرضاع عامة الناس ، وأما الأول فيجوز أن احتيج إلى جَعله ذا مَحْرَم ، وقد يجوز للحاجة مَا لا يَجُوز لِغيرها ، وهذا قول متوجِّـه . اهـ .
فقوله : وأما الأول ، يعني به أن يُقصد بالرضاع : الرضاع لذاته لا للتغذية .
وقال ابن القيم في أوجه حَمْل أهل العلم لحديث سهلة بن سُهيل : المسلك الثالث : أن حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا مخصوص ، ولا عام في حق كل أحد ، وإنما هو للحاجة لمن لا يَستغني عن دخوله على المرأة ، ويَشُقّ احتجابها عنه ، كحال سالم مع أبي حذيفة ، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثَّـر رَضَاعه ، وأما مَن عداه فلا إلاَّ رَضَاع الصغير ، وهذا مسلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، والأحاديث للرَّضَاع في الكبير إما مُطْلَقة ، فَتُقَيَّد بحديث سَهْلة ، أو عامة في الأحوال ، فتخصيص الحال مِن عمومها ، وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه ، وأقرب إلى العمل الأحاديث من الجانبين ، وقواعد الشرع تشهد له . والله الموفق . اهـ .
وقال ابن عبد البر : هكذا إرضاع الكبير كما ذُكِر يُحلب له اللبن ويُسقاه ، وأما أن تُلقمه المرأة ثديها كما تصنع بالطفل فلا ؛ لأن ذلك لا يحل عند جماعة العلماء . اهـ .
وقال النووي رحمه الله : قوله صلى الله عليه وسلم " أرضعيه " قال القاضي : لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها ولا الْتَقَتْ بشرتاهما ، وهذا الذي قاله القاضي حَسَنٌ ، ويحتمل أنه عُفي عن مسه للحاجة ، كما خص بالرضاعة مع الكبر ، والله أعلم . اهـ .
أقول : ما قاله القاضي هو المتعيِّن ؛ لأن الكبير قبل الرضاع بمنـزلة الأجنبي عن المرأة .
فمن قال به مِن أهل العِلْم لم يُطلِقه كما في هذه الفتوى ، ولم يفتحوا الباب على مصراعيه ، ولم يُعالِجوا فسَادا بِفسَاد آخر !
تنبيه :
إذا سأل سائل فلا يسأل عن حُكم الشرع ، ولا عن حُكم الله في مسألة مُعينة ؛ لأن الذي يُفتي في مسألة قد يُصيب حُكم الله ، وقد لا يُصيبه ، وقد يُواِفق الشرع ، وقد لا يُوافِقه ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْن فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ فَلا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ ، فَإِنَّكَ لا تَدْرِي أَتُصِيبُ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لا . رواه مسلم .
والله أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|