هل القيء ينقض الوضوء ؟
بارك الله فيكم

الجواب/
اختُلِف في القيء ، وهل هو ناقِض للوضوء ، والصحيح أنه ليس بِناقِض للوضوء ، لِعدم قيام الدليل على الأمر بالوضوء مِنه .
وأما مَا وَرَد مِن حديث أبي الدرداء ومِن حديث ثوبان أنه عليه الصلاة والسلام قَـاء فتوضأ ، فهذا مَحمول على الاستحباب ؛ لأنه حِكاية فِعْل .
وفي الموطأ : قال يحيى: وسئل مالك، هل في القيء وضوء ؟
قال : لا . ولكن ليتمضمض مِن ذلك ، وليغسل فَاه ، وليس عليه وضوء .
قال الإمام الترمذي : وَقَدْ رَأَى غَيْرُ وَاحِد مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ الْوُضُوءَ مِنْ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ . وقَال بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَيْسَ فِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وُضُوءٌ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِك وَالشَّافِعِيِّ .
وقال ابن عبد البر : أما مالك والشافعي وأصحابهما فلا وضوء في القيء والقلس عند واحد منهم .
وقال أبو حنيفة ومحمد : في القيء والقَلَس كله الوضوء إذا ملأ الفم إلاّ البلغم .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث أبي الدرداء رضي الله عنه : وهذا قد اسْتُدِلّ به على وجوب الوضوء مِن القيء ، ولا يدل على ذلك ، فإنه إذا أراد بالوضوء الوضوء الشرعي فليس فيه إلاّ أنه توضأ ، والفعل الْمُجَرَّد لا يدلّ على الوجوب ، بل يدل على أن الوضوء مِن ذلك مشروع . فإذا قيل : إنه مستحب ؛ كان فيه عمل بالحديث . اهـ .
وهذا الذي رجَّحه شيخنا العثيمين ، حيث قال :
ونحن لا نخرجُ عمّا دلَّ عليه كتاب الله وسُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلم ، لأننا مُتعبَّدون بِشَرع الله ، فلا يسوغ لنا أن نُلْزم عباد الله بطهارةٍ لم تَجب ، ولا أن نرفَع عنهم طهارةً واجبة .
وأما الحديث الذي استدلُّوا به على نقض الوُضُوء ؛ فقد ضعَّفه كثيرٌ مِن أهل العلم .
وأيضا : هو مُجرد فِعل ، ومُجرد الفعل لا يدلُّ على الوجوب ؛ لأنه خالٍ من الأمر .
وأيضا : هو مقابل بحديث - وإِن كان ضعيفا - أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم احتجم وصلَّى ، ولم يتوضَّأ . وهذا يدلُّ على أن الوُضُوء ليس على سبيل الوجوب ، وهذا هو القول الرَّاجح . اهـ .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياضد