|
|
المنتدى :
إرشـاد الطـهــارة
هل مَسّ الرَّجُل للمرأة ينقض الوضوء ؟
بتاريخ : 04-03-2010 الساعة : 01:18 AM
سؤالى هو اذا لمس الرجل المرأة فهل معنى ذلك انه ينقض وضوئه و يتطلب انه يقوه فيتوضأ لكى يصلى ام ماذا؟
و جزاكم الله خيرا

الجواب:
وجزاك الله خيراً .
هذه المسألة اخْتَلَف فيها السَّلف اختلافا كبيرا
فالمذاهب فيها ثلاثة :
المذهب الأول : أن مُجرّد مسّ المرأة ناقض للوضوء ، وهذا القول مَحجُوج بما ثبت في الصحيحين من حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ - فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي , فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ ، وإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا ، وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ .
المذهب الثاني : أن المسّ بِشَهوة ناقض للوضوء ، وهذا القول مَحجُوج بما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَـبَّـلَ بعض نسائه ثم خَرج إلى الصلاة ولم يتوضأ . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه .
وأصحاب هذا القول ضعّفوا هذا الحديث .
وقد أطال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تخريج هذا لحديث في تحقيقه وشرحه لِجامِع الترمذي ، وقد صَحّح الحديث ، وقال عَقب تخريجه : وهذا هو التحقيق الصحيح في تعليل الأحاديث مِن غير عَصبيّة لِمذهب ، ولا تقليد لأحد . اهـ .
المذهب الثالث : أن الذي ينقض الوضوء هو الْجِماع ، وهو المقصود بالملامَسَة في الآية .
وبهذا قال عمر رضي الله عنه وقال ابن مسعود وهو قول ابن عباس رضي الله عنهم .
وهو قول مسروق بن الأجدع والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني .
روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اخْتَلَفُوا في الْمُلامَسَة ، فقال سعيد وعطاء : هو اللمس والغمز ، وقال عبيد بن عمير : هو الـنِّكَاح ، فخرج عليهم عبد الله بن عباس - وهم كذلك - فسألوه وأخبروه بما قالوا ، فقال : أخطأ الْمَولَيان وأصاب العربي ، هو الجماع ، ولكن الله يُعِفّ ويَكْني .
وقال ابن عباس : ما أبالي أقبلت امرأتي أو شممت ريحانا
وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وسائر الكوفيين إلا ابن حَيّ
ورووا عن علي بن أبي طالب مثل ذلك . أفاده ابن عبد البر في الاستذكار .
وهذا القول هو الراجح - إن شاء الله - لما جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه يُقبِّل ثم يُصلي ولا يتوضأ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وأما لمس النساء ففيه ثلاثة أقوال مشهورة :
قول أبي حنيفة : لا وضوء منه بحال .
وقول مالك وأهل المدينة - وهو المشهور عن أحمد - : أنه إن كان بشهوة نقض الوضوء ، وإلا فلا .
وقول الشافعي : يتوضأ منه بكل حال .
ولا ريب أن قول أبي حنيفة وقول مالك هما القولان المشهوران في السلف ، وأما إيجاب الوضوء من لمس النساء بغير شهوة ؛ فقول شاذ ، ليس له أصل في الكتاب ولا في السنة ، ولا في أثر عن أحد من سلف الأمة ، ولا هو موافق لأصل الشريعة ؛ فإن اللمس العاري عن شهوة لا يؤثر لا في الإحرام ولا في الاعتكاف كما يؤثر فيهما اللمس مع الشهوة ، ولا يكره لصائم ، ولا يوجب مصاهرة ، ولا يؤثر في شيء من العبادات وغيرها من الأحكام ؛ فمن جعله مفسدا للطهارة فقد خالف الأصول .
وقوله تعالى {أو لامستم النساء} إن أريد به الجماع فقط - كما قاله عمر وغيره - فمعلوم أن قوله أوْ لامستم في الوضوء ، كقوله في الاعتكاف : {ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد} ، والمباشرة بغير شهوة لا تؤثر هناك ، فكذلك هنا . وكذلك قوله: {ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} هذا مع أنا نعلم أنه ما زال الرجال يمسون النساء بغير شهوة فلو كان الوضوء من ذلك واجبا لأمَر به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين ، ولكان ذلك مما ينقل ويؤثر .
قال الشيخ أحمد شاكر : وأما أصل الباب ومَرْجِع الخلاف فهو : هل يَجب الوضوء مِن مسّ المرأة ؟
ذَهَب بعض الصحابة والتابعين ومن تبِعهم من الفقهاء والْمُحدِّثين إلى الوجوب ، وذَهَب بعض الصحابة ومن بعدهم إلى عدم الوجوب ، وهو الصحيح الراجِـح .
وإيجاب الوضوء على مَن مسّ امرأته بشهوة أو قبّلها يَحتاج إلى دليل ، ولا دليل عليه إلا ما جاء في الآية ، والآية فسّرها تُرجمان القرآن - ابن عباس - بـ " الْجِماع " .
فتحصّل من هذا أن مسّ المرأة لا ينقض الوضوء .
وكذلك تقبيل الرجل امرأته ، والمرأة زوجها ؛ كل ذلك لا ينقض الوضوء .
والله تعالى أعلم .
المجيب الشيخ/ عبدالرحمن السحيم
عضو مكتب الدعوة والإرشاد
|
|
|
|
|